وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ؛ وَلِهَذَا أَبْقَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ آثَارَ الْمُكَذِّبِينَ لِنَعْتَبِرَ بِهَا وَنَتَّعِظَ؛ لِئَلَّا نَفْعَلَ كَمَا فَعَلُوا فَيُصِيبُنَا مَا أَصَابَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} {وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أَيْ: تَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ نَهَارًا بِالصَّبَاحِ وَبِاللَّيْلِ ثُمَّ قَالَ: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى فِي مَدَائِنِ قَوْمِ لُوطٍ: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ} يَعْنِي: مَدَائِنَهُمْ بِطْرِيقٍ مُقِيمٍ يَرَاهَا الْمَارُّ بِهَا. وَقَالَ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} . وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَاب الْعَزِيزِ: يُخْبِرُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ إهْلَاكِ الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ وَنَجَاةِ أَتْبَاعِ الْمُرْسَلِينَ؛ وَلِهَذَا يَذْكُرُ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ قِصَّةَ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ وَيَذْكُرُ لِكُلِّ نَبِيٍّ إهْلَاكَهُ لِمُكَذِّبِيهِمْ وَالنَّجَاةَ لَهُمْ وَلِأَتْبَاعِهِمْ ثُمَّ يَخْتِمُ الْقِصَّةَ بِقَوْلِهِ: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فَخَتَمَ الْقِصَّةَ بِاسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَقْتَضِيهَا تِلْكَ الصِّفَةُ {وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فَانْتَقَمَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِعِزَّتِهِ وَأَنْجَى رُسُلَهُ وَأَتْبَاعَهُمْ بِرَحْمَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute