هَذَا نَوْعًا مِنْ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ يَعْرِضُ لِلنُّفُوسِ لَا أَنَّهُ صِنْفٌ مِنْ الْآدَمِيِّينَ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّخَيُّلَاتِ الْفَاسِدَةَ كَثِيرًا مَا تَعْرِضُ لِبَنِي آدَمَ بَلْ هِيَ كَثِيرَةٌ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَجْحَدُونَ الْحَقَّ إمَّا عِنَادًا وَإِمَّا خَطَأً فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَفِي أَحْوَالٍ كَثِيرَةٍ وَإِنْ كَانَ الْجَاحِدُ قَدْ يُقِرُّ بِحَقِّ آخَرَ أَوْ يُقِرُّ بِذَلِكَ الْحَقِّ فِي وَقْتٍ آخَرَ فَالْجَهْلُ وَالْعِنَادُ الَّذِي هُوَ السَّفْسَطَةُ هُوَ فِيهِمْ خَاصٌّ مُقَيَّدٌ لَا أَنَّهُ عَامٌّ مُطْلَقٌ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ بِهِ الْأَمْرُ وَقَدْ يُبْتَلَى بِهِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ عَلَى سَبِيلِ الدَّوَامِ وَأَمَّا ابْتِلَاءُ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ بِهِ فَقَدْ يَكُونُ إمَّا مَعَ فَسَادِ الْعَقْلِ الْمُسْقِطِ لِلتَّكْلِيفِ وَهُوَ الْجُنُونُ وَإِمَّا مَعَ صِحَّةِ الْعَقْلِ الْمَشْرُوطِ فِي التَّكْلِيفِ فَمَا أَعْلَمُ شَخْصًا جَاهِلًا بِكُلِّ شَيْءٍ مُعَانِدًا لِكُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ سُوفِسْطَائِيًّا. وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَقَعْ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمَةِ أَيْضًا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْعَقْلَ الْمَشْرُوطَ فِي التَّكْلِيفِ نَوْعٌ مِنْ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ كَالْعِلْمِ بِوُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ وَجَوَازِ الْجَائِزَاتِ وَامْتِنَاعِ الْمُمْتَنِعَاتِ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ الْبَاقِلَانِي وَأَبِي الطَّيِّبِ الطبري وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى؛ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ فَمَنْ كَانَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute