للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الْإِسْلَامُ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: هُوَ السُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: هُوَ الْقُرْآنُ. وَيَقُولُ الْآخَرُ: هُوَ طَرِيقُ الْعُبُودِيَّةِ. فَإِنَّ هَذَا تَنَوُّعٌ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي يُبَيِّنُ بِهَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ بِمَنْزِلَةِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَسْمَاءِ رَسُولِهِ وَكِتَابِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهَا تَضَادٌّ لَا فِي اللَّفْظِ وَلَا فِي الْمَعْنَى. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ فِي السَّابِقِ وَالْمُقْتَصِدِ وَالظَّالِمِ أَقْوَالًا يَذْكُرُ فِيهَا كُلُّ قَوْمٍ نَوْعًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَيَكُونُ الِاسْمُ مُتَنَاوِلًا لِلْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ مُنَافَاةٍ. وَمِثَالُ التَّنَوُّعِ الَّذِي فِيهِ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ لِأَجْلِ اشْتِرَاكِ اللَّفْظِ - كَمَا قِيلَ: أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ - تَنَازَعَ قَوْمٌ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: رَآهُ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ رَآهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ رَآهُ وَهُوَ فَوْقُ السَّمَوَاتِ وَلَمْ يَرَهُ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ لَفْظَ الْآخِرَةِ يُرَادُ بِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةَ الْآخِرَةَ وَيُرَادُ بِهِ الدَّارَ الدُّنْيَا وَالدَّارَ الْآخِرَةِ؛ وَمُحَمَّدٌ رَأَى رَبَّهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ. وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَتَنَازَعُونَ فِي أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ أَوْ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ فَالْمُثْبِتَةُ تُطْلِقُ الْقَوْلَ بِأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَآخَرُونَ يَنْفُونَ