للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْلَ بِأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ وَمَقْصُودُهُمْ أَنَّ السَّمَاءَ لَا تَحْوِيه وَلَا تَحْصُرُهُ وَلَا تَحْمِلُهُ وَلَا تُقِلُّهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ أَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ لَا تَحْصُرُهُ مَخْلُوقَاتُهُ بَلْ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ؛ وَالْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ كَحَلْقَةِ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَكَذَلِكَ لَيْسَ هُوَ مُفْتَقِرًا إلَى غَيْرِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بَلْ هُوَ الْغَنِيُّ عَنْ خَلْقِهِ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الصَّمَدُ فَلَيْسَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ تَضَادٌّ وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَخْطَئُوا فِي نَفْيِ اللَّفْظِ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْكِتَاب وَالسُّنَّةُ وَفِي تَوَهُّمِ أَنَّ إطْلَاقَهُ دَالٌّ عَلَى مَعْنًى فَاسِدٍ. وَقَدْ يُعْذَرُ بَعْضُهُمْ إذَا رَأَى مَنْ أَطْلَقَ هَذَا اللَّفْظَ وَأَرَادَ بِهِ أَنَّ السَّمَاءَ تُقِلُّهُ أَوْ تُظِلُّهُ وَإِذَا أَخْطَأَ مَنْ عَنَى هَذَا الْمَعْنَى فَقَدْ أَصَابَ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ أَصَابَ فِي اللَّفْظِ لِإِطْلَاقِهِ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ وَفِي الْمَعْنَى الَّذِي تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ الْمَعْنَى الْحَقُّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ لَكِنْ قَدْ يُخْطِئُ بَعْضُهُمْ فِي تَكْفِيرِ مَنْ يُطْلِقُ اللَّفْظَ الثَّانِيَ إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ الْمَعْنَى الصَّحِيحَ فَإِنَّ مَنْ عَنَى الْمَعْنَى الصَّحِيحَ لَمْ يَكْفُرْ بِإِطْلَاقِ لَفْظٍ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا أَوْ فَاعِلًا أَمْرًا مُحَرَّمًا وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَ قَوْلَهُ: إنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَإِنَّمَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ عَدَمٌ مَحْضٌ فَهَؤُلَاءِ هُمْ الْجَهْمِيَّة الضُّلَّالُ الْمُخَالِفُونَ لِإِجْمَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَلِفِطْرَةِ الْعُقَلَاءِ.