فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ أَمْثَالِهِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُخْطِئًا وَهُوَ الْمُخْطِئُ فِي الْمَسَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ فَهُوَ آثِمٌ عِنْدَهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُسْتَدِلَّ قَدْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْرِفَ الْحَقَّ وَقَدْ يَعْجَزُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنْ إذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ يُعَاقِبُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ لَا يُعَاقِبُهُ؛ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَذِّبَ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرَ لِمَنْ يَشَاءُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا؛ بَلْ لِمَحْضِ الْمَشِيئَةِ. وَهَذَا قَوْلُ الْجَهْمِيَّة وَالْأَشْعَرِيَّةِ؛ وَكَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ؛ وَأَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ: قَدْ عُلِمَ بِالسَّمْعِ أَنَّ كُلَّ كَافِرٍ فَهُوَ فِي النَّارِ فَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ كَافِرٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَيُعَذِّبُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ وَعَجَزَ عَنْ مَعْرِفَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَجْتَهِدْ وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ الْمُخْتَلِفُونَ: فَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الفروعيات فَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُ: لَا عَذَابَ فِيهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ عَفَا عَنْ الْخَطَأِ فِيهَا وَعَلِمَ ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ إثْمٌ عَلَى الْمُخْطِئِ فِيهَا وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الظَّنِّيَّاتِ مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ بَعْضِ الْجَهْمِيَّة وَالْأَشْعَرِيَّةِ. وَأَمَّا الْقَطْعِيَّاتُ فَأَكْثَرُهُمْ يُؤَثِّمُ الْمُخْطِئَ فِيهَا وَيَقُولُ: إنَّ السَّمْعَ قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤَثِّمُهُ. وَالْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ هَذَا مَعْنَاهُ: أَنَّهُ كَانَ لَا يُؤَثِّمُ الْمُخْطِئَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute