أُولَئِكَ وَفِي أُولَئِكَ مِنْ الْكِبْرِ وَالْبُخْلِ وَالْقَسْوَةِ مَا لَيْسَ فِيهِمْ فَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ شِبْهٌ مِنْ النَّصَارَى وَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ شِبْهٌ مِنْ الْيَهُودِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} وَلِهَذَا آلَ الْأَمْرُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَكَابِرِ مَشَايِخِهِمْ إلَى أَنَّهُمْ شَهِدُوا تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ وَذَلِكَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ فَعَدُّوا الْفَنَاءَ فِي هَذَا بِزَوَالِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ غَايَةَ الْمَقَامَاتِ وَلَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا مَا سَمَّوْهُ تَوْحِيدًا وَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الَّذِي تَقُولُهُ النَّصَارَى وَلَكِنَّهُمْ يَهَابُونَ الْإِفْصَاحَ عَنْ ذَلِكَ وَيَجْعَلُونَهُ مِنْ الْأَسْرَارِ الْمَكْتُومَةِ. وَمِنْهُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْحَلَّاجَ هَذَا كَانَ مَشْهَدَهُ وَإِنَّمَا قُتِلَ لِأَنَّهُ بَاحَ بِالسِّرِّ الَّذِي مَا يَنْبَغِي الْبَوْحُ بِهِ. وَإِذَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ قَدْ أَخَذَ عَمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي إثْبَاتِ الْقَدَرِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَوْ غَيْرِهِمْ؛ وَيُجْعَلُ الْجَمِيعُ صَادِرًا عَنْ إرَادَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ هُنَا حُبٌّ وَلَا بُغْضٌ وَلَا رِضًا وَلَا سُخْطٌ وَلَا فَرَحٌ؛ وَلَكِنَّ الْمُرَادَّاتِ مُتَنَوِّعَةً فَمَا كَانَ ثَوَابًا سُمِّيَ تَعَلُّقُ الْإِرَادَةِ بِهِ رِضًا وَمَا كَانَ عِقَابًا سُمِّيَ سُخْطًا فَحِينَئِذٍ مَعَ هَذَا الْمَشْهَدِ لَا يَبْقَى عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ وَيُسَمُّونَ هَذَا: الْجَمْعَ وَالِاصْطِلَامَ. وَكَانَ الْجُنَيْد - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - لَمَّا وَصَلَ أَصْحَابُهُ كَالثَّوْرِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute