للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُرَادُ بِهِ عَدَمُ النَّافِعِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَضُرُّهُ عَدَمُ النَّافِعِ. وَعَدَمُ النَّافِعِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِوُجُودِ النَّافِعِ. وَتَارَةً يَضُرُّهُ أَمْرٌ مَوْجُودٌ فَذَلِكَ الَّذِي يَضُرُّهُ لَمْ يَبْغُضْ مِنْهُ إلَّا مَضَرَّتَهُ لَهُ وَمَضَرَّتُهُ لَهُ إزَالَةُ نَعِيمِهِ أَوْ تَحْصِيلُ عَذَابِهِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْته مُعَارَضٌ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ يَأْمُرُ بِالتَّقْوَى وَيَحُضُّ عَلَيْهَا حَتَّى لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِنْهَا وَهِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ إلَى الْأَوَّلِينَ والآخرين وَهِيَ شِعَارُ الْأَوْلِيَاءِ وَأَوَّلُ دَعْوَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَهْلِ أَصْحَابِ الْعَاقِبَةِ؛ وَأَهْلِ الْمَقْعَدِ الصِّدْقِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهَا. وَالتَّقْوَى هِيَ تَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَقَدْ قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَعْمَالُ الْبِرِّ يَعْمَلُهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ وَلَنْ يَصْبِرَ عَنْ الْآثَامِ إلَّا صِدِّيقٌ.

وَفِي تَعْظِيمِ الْوَرَعِ وَأَهْلِهِ وَالزُّهْدِ وَذَوِيهِ مَا يَضِيقُ هَذَا الْمَوْضِعُ عَنْ ذِكْرِهِ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَائِدٌ إلَى تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَفُضُولِ الْمُبَاحَاتِ وَهِيَ بِقِسْمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَشْبَهُ مِنْهَا بِقِسْمِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالنَّاسُ يَذْكُرُونَ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ هَذَا الْوَرَعِ وَمَنَاقِبِهِمْ مَا لَا يَذْكُرُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ.