فَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ اجْتَمَعَ فِي الْمَحَلِّ حُكْمَانِ كَإِيجَابَيْنِ وَتَحْرِيمَيْنِ وَإِبَاحَتَيْنِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: اجْتَمَعَ سوادان وَقَوْلُ مَنْ يَقُولُ: هُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ مُؤَكَّدٌ كَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: سَوَادٌ وَاحِدٌ قَوِيٌّ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ مَقْصُودُهُمَا وَاحِدٌ فَإِنَّ التَّوْكِيدَ لَا يُنَافِي تَعَدُّدَ الْأَمْثَالِ إذْ التَّوْكِيدُ قَدْ يَكُونُ بِتَكْرِيرِ الْأَمْثَالِ {كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا} وَقَوْلُ الْقَائِلِ: ثُمَّ ثُمَّ. وَجَاءَ زَيْدٌ جَاءَ زَيْدٌ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ بِثُبُوتِ أَحْكَامٍ وَالْقَوْلُ بِثُبُوتِ حُكْمٍ قَوِيٍّ مُؤَكَّدٍ هُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ سَوَاءٌ قَالَ الْقَائِلُ: ثَبَتَ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ أَوْ حُكْمٌ قَوِيٌّ مُؤَكَّدٌ فَذَلِكَ الْمَجْمُوعُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِمَجْمُوعِ الْعِلَّتَيْنِ لَمْ تَسْتَقِلَّ بِهِ إحْدَاهُمَا وَلَا تَسْتَقِلُّ بِهِ إحْدَاهُمَا لَا فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ وَلَا فِي حَالِ الِانْفِرَادِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءٌ مِنْ الْعِلَّةِ الَّتِي لِهَذَا الْمَجْمُوعِ لَا عِلَّةٌ لَهُ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّةٌ بِأَصْلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ حَالَ انْفِرَادِهَا وَلَكِنَّ لَفْظَ الْوَاحِدِ فِيهِ إجْمَالٌ كَمَا أَنَّ فِي لَفْظِ الِاسْتِقْلَالِ إجْمَالًا فَكَمَا أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ اسْتِقْلَالَ الْعِلَّةِ حَالَ الِانْفِرَادِ لَا يُعَارِضُ مَنْ نَفَى اسْتِقْلَالَهَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ فَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ إذَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَسْتَقِلُّ بِهِ حَالَ الِانْفِرَادِ فَهَذَا لَا نِزَاعَ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute