للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقديم الصلاة على الخطبة يوم العيد]

باسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: [وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة) متفق عليه] .

قبل الكلام على الحديث ينبغي أن يعلم أن الاغتسال للعيد سنة، فيغتسل الإنسان للعيد كما يغتسل للجمعة، قالوا: إن الأحاديث في غسل الجمعة أشد تأكيداً منها في العيد، ولكن السبب مشترك، وهو اجتماع الناس في يوم عيد والجمعة، فألحقت الجمعة بالعيدين وسميت عيداً.

وأما متى يغتسل؟ فقالوا: من الفجر إلى صلاة العيد.

وبعض المالكية قالوا: لو اغتسل قبل الفجر فلا مانع من ذلك.

والشافعية قالوا: ولو بعد منتصف الليل؛ لأنه يحتاج إلى إخراج الزكاة والذهاب إلى المصلى، فلو أخر الاغتسال إلى ما بعد صلاة الصبح فقد ينشغل ويتأخر عن الحضور إلى المصلى.

وأما الحديث هنا ففيه أنه كان صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه من بعده، وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من بعد أبي بكر -أي: الشيخان- يصلون العيد قبل الخطبة، فالخطبة بعد الصلاة.

والمؤلف يأتي بهذا ليبين الواقع، وليرد على ما أحدثه بعض الأمويين في المدينة، حيث كان عاملاً لـ معاوية فخطب قبل الصلاة، فقام أبو سعيد الخدري وقال: والله لقد غيّرت.

كان رسول الله وأبو بكر وعمر يصليان قبل الخطبة! قال: يا أبا سعيد: الأمر لا كما تعلم.

قال: والله ما أعلمه خير مما تعلمه.

فقال: يا أبا سعيد! إن الناس كانوا ينتظرون الخطبة بعد الصلاة زمن رسول الله، وأبي بكر وعمر، فأصبحوا بعدهم لا ينتظرون، فإذا قضوا الصلاة نفروا وذهبوا.

وقيل: إن أول من غيّر وقدم الخطبة معاوية، وكان هؤلاء عماله في الحجاز -أي: في المدينة ومكة- فتبعوا معاوية وقدموا الخطبة؛ لأن الناس ملزمون بالبقاء للصلاة، على مذهب من يرى أن صلاة العيد فرض عين، وهناك من يرى أنها فرض كفاية، وقيل: هي سنة.

فالمؤلف رحمه الله ذكر لنا هذا الأثر ليبين لنا السنة النبوية في أن الصلاة أولاً، كما سيأتي أنه صلى الله عليه وسلم خرج وقال: (أول عمل لنا هذا اليوم الصلاة) أي أن الخطبة بعدها، ويذكر ابن حجر أيضاً وغيره أنه صلى الله عليه وسلم بعدما صلى استقبل الناس، وقال: سنخطب، فمن أراد أن يجلس فليجلس، ومن أراد أن يذهب فليذهب.

إذاً: فالأصل في الخطبة والصلاة في العيد أن تكون الصلاة أولاً، ثم بعد ذلك الخطبة، والخطبة تكون للمواعظ والإرشاد والتوجيه، فبعض الناس يجلس يستمع إليها، وبعض الناس يذهب عنها.