قال المؤلف رحمه الله: [وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول) رواه أبو داود، وهو حسن، وقد اختلف في رفعه] .
انتهى المؤلف رحمه الله من جميع ما يتعلق ببهيمة الأنعام، وجاء إلى النقدين: الذهب والفضة، فذكر هذا الأثر عن علي رضي الله تعالى عنه.
ثم النقاش في هذا الأثر برمته أهو موقوف على علي من كلامه، أم هو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلي ينقله عن رسول الله؟ على كلا الحالتين علماء الحديث يقولون: سواء كان موقوفاً على علي أو كان مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فله حكم الرفع، فهو مرفوع بالفعل أو له حكم الرفع.
قالوا: لأن فيه الكلام على تشريع في ركن أساسي، وبيان أنصباء الأموال وما يجب فيها، وليس هذا محل اجتهاد، فلا يتأتى لـ علي ولا لغيره أن يتكلم في هذا المجال من عنده، والحق في ذلك أنه بيان لمجمل في كتاب الله:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:٤٣] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة:٣٤] ، فمن الذي يبين لهم الزكاة حتى لا تكون كنزاً، ويسلمون من أن تكوى بها جباههم وظهورهم؟ لا يكون ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: لا حاجة إلى البحث في سند الحديث مادام أنه صح عن علي رضي الله تعالى عنه، فهو إن كان موقوفاً عليه فله حكم الرفع، وإن كان قد رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فهو المطلوب.