والوبر والشعر على الظهر داخل في هذا؛ لأن الغرض المثال في الجنس، والغاية من النهي: الغرر، فما يوجد من غرر في صوف على ظهر الغنم موجود في وبر على ظهر الإبل؛ وشعر على ظهر الماعز، ولكن بعض العلماء نظر في موضوع الصوف وأمثاله، فإذا جئنا إلى قطيع من الغنم وعليه الصوف، فلا يجوز بيع الصوف على الظهر، فصاحب الغنم وجد الصوف قد زاد عن حده على ظهور الغنم، وبقاء الصوف الزائد عن حده على ظهر الغنم يضعف الغنم؛ لأنه يمتص غذاءها ويثقلها، فيريد أن يتخلص من هذا الصوف، فالطريقة المثلى: أن يأتي بمن يجز هذا الصوف ويجمعه في كوم أو يضعه في أكياس، ويعرضه على التجار ليشتروا هذا الصوف ويذهبوا به إلى الغزل أو إلى النسيج، فهذا طريق لا غبار عليه.
ولكن إذا قال: أنا إذا جززت الصوف وبقي عندي في أكياسه، فماذا أفعل به؟ وإذا لم يأت التاجر فماذا أفعل به؟ إذاً: سأذهب وآتي بتاجر ونقدر الصوف على ظهور الغنم ونتفق على البيع، فهل يجوز هذا؟ هناك من يقول: إذا وجد من أرباب الخبرة من يقدر الصوف على الظهر قبل جزه، ووقع البيع على هذا المرئي المشاهد فلا مانع، ويتناول الحديث من جهة السند، ويقولون: ليس هناك ما يمنع، وقاعدة البيع هي: المنع من الغرر، فإذا كان المشتري خبيراً وكذلك البائع حتى لا يخدع، وعرف الطرفان كم يجز من عشرة رءوس من الغنم، كأن يجز منها خمسون أو مائة كيلو وتبايعا على الصوف الموجود، وخلى بينه وبين الأغنام، فيجز صوفها ويأخذه.
والمانعون يقولون -لكنه تصوير عجيب-: إذا اشترى الصوف على الظهر وجاء يجزه، فمن أين سيجز الصوف؟ فهل يترك (٣سم) من أسفل ويقص، أم يترك (٥سم) ، أم يترك (١مم) ؟ فقالوا: في هذا غرر، ولا ندري كم سيأخذ وكم سيترك؟! وهذا ما له محل؛ لأن جز الصوف معروف عند الناس، ولهم مقص معين، وطريقة معروفة، والآن تطوروا وصاروا يجزونه بالمكينة، وهي مثل المكينة التي تقص شعر رأس الإنسان لكنها كبيرة، وعلى بطارية، وتجز شعر الغنم والماعز وغيرها.
فإذا كان سائداً ومعروفاً في العرف أن الذي يجز الصوف يجزه من الموطن الفلاني، ويترك (١سم) ، أو يترك (١⁄٢سم) ، أو نحو ذلك، وهذا الأمر صار متعارفاً عليه، وبهذا ينتفي الغرر، وإن كانت هناك طرائق متفاوتة في تحديد القص، فيجب تعيين الطريقة ومقدارها، وبهذا ينتفي الغرر في مقدار الصوف الذي سيتركه.
إذاً: إذا علم المقدار، وانتفى الغرر، فهناك من يقول بجوازه، والله تعالى أعلم.