[ (ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة) ] .
ساق المؤلف رحمه الله هذا الحديث ليستدل به على جواز المقارضة، وأنها مشروعة وفيها البركة، وكونها فيها البركة تستلزم أنها حلال ومشروعة، ولا يوجد نص صحيح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صحة شركة المضاربة، كما قال ابن حزم رحمه الله ونقل ذلك عنه.
وإذا فتشنا في كتب الحديث لا نجد نصاً على عين شركة المضاربة، ولكن هناك ما يعتبر أصلاً، لا حاجة إلى النص وهو: أن الإسلام جاء إلى الأمة وهناك عقود متعددة إجارة بيع أنكحة موالاة رق؛ فنظر الإسلام في تلك العقود فأقر صحيحها وألغى فاسدها، وأصلح ما كان فيها من فاسد، فنهى عن الجمع بين الأختين لأنه فاسد، ونهى عن نكاح زوجة الأب، وقال الله:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا}[النساء:٢٢] ، يعني: زيادة عن الزنا، بينما قال في الزنا:{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}[الإسراء:٣٢] ، ولكن هذا فيه:(ومقتاً) ؛ لأن فيه اعتداء على حق الوالد، فألغه.
جاء الإسلام أيضاً فوجد من هو متزوج بعشر نسوة فصحح الزواج في الجملة وألغى الزائد عن الأربعة، كما في الحديث:(اختر منهن أربعاً وطلق سائرهن) ، وهذا كان في قضية غيلان حين أسلم وتحته عشر نسوة، وأما بقية عقود الأنكحة التي جاء الإسلام وهي موجودة فلم يبحث فيها، من الذي عقد لك كيف تزوجت ما نوع الصداق.
إلخ.
وهكذا كانت الشركة موجودة، وكانت أكثر أنواع المشاركة عند العرب هي المضاربة، ونعلم أن تجارة أبي سفيان كانت مضاربة، كما جاء في الأخبار:(ما من بيت في مكة إلا وله فيها سهم) ، فكانوا يجمعون المال ويعطونه لـ أبي سفيان ليتجر به بين الشام واليمن.
إذاً: هذه شركة مضاربة، فلما جاء الإسلام ووجد شركة المضاربة قائمة والناس يتعاملون بها لم ينههم عنها وأقرهم عليها، وهذا توثيق وتشريع بالتقرير على وجودها واستمراريتها، ومع هذا الحال لا نحتاج إلى نصوص؛ لأنها مستمرة في طريقها، وقد أقرها الإسلام على ما هي عليه.