شرح حديث:(كنا نحزر قيام رسول الله في الظهر والعصر ... )
قال رحمه الله: [وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر؛ فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر:{الم * تَنزِيلُ}[السجدة:١-٢] ) .
أبو قتادة يقول:(ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب) ، وأبو سعيد الخدري يقول:(كنا نحزر) أي: نقدر، والحزر أو الحرز أو الخرص: التقدير، فنحزر أي: نقدر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل قيامه في نافلة خاصة به أم في صلاته بهم؟ النافلة ليس لنا دخل فيها؛ لأنه بإجماع المسلمين لا حظر عليك فيما تقرأ فيها، فإن شئت قرأت القرآن كله في ركعتين، وإن شئت قرأت الفاتحة والإخلاص؛ لأن المتطوع أمير نفسه، اللهم إلا في تطوع الجماعة مثل التراويح، فيراعى فيها ظروف الناس، فإذا كان متطوعاً لنفسه فليصلي ما شاء.
والمقصود بصلاة رسول الله هنا الفريضة؛ فقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل في بيته، قال أبو قتادة:(صلينا مع رسول الله) ، وهنا أبو سعيد رضي الله تعالى عنه كأنه يقول: صلينا مع رسول الله وحزرنا قراءته في الظهر والعصر، فالقضية لا زالت في الظهر والعصر، فـ أبو سعيد يقول: قدرنا ما يقرأه في الركعتين الأوليين بـ {الم * تَنزِيلُ}[السجدة:١-٢] ، هذا في الركعتين الأوليين، (وفي الأخريين قدر النصف من ذلك) ، والنصف من قراءة (الم تَنزِيلُ) هل سيكون النصف فقط أم الفاتحة ومعها غيرها؟ قطعاً: الفاتحة ومعها غيرها، وهذا الحديث يدل على أن المصلي في الفريضة يقرأ في الركعتين الأخريين بالفاتحة ومعها شيئ آخر، مع تطويل الأولى على الثانية، فيقرأ في الركعة الأولى بقدر، وفي الثانية بقدر النصف من ذلك، وسيأتي قدر القراءة في العصر.
فـ أبو سعيد يبين لنا مدى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، ويفسر التطويل الذي جاء في حديث أبي قتادة؛ فهو يطيل في الأولى إلى حد أن الثانية بقدر النصف من الأولى، وسيأتي أنه يقارن بين الأولى والثانية من الظهر، والأولى والثانية من العصر كما في نهاية حديثه.
وإذا جئنا إلى سورة السجدة فعددها (٣٠) آية، وفي بعض الأحاديث:(سورة ثلاثون آية شفعت لصاحبها يوم القيامة) ، فهل هي السجدة أم أنها تبارك؟ كلاهما ثلاثون آية.
إذاً: حديث أبي سعيد يبين لنا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأوليين قدر السجدة، وفي الأخريين قدر النصف، إذاً: الأخريان هل فيهما قراءة مع الفاتحة أم ليس فيها كما قال أبو قتادة؟ فيها، ولكن مع التفاوت، فالأوليان بقدر (السجدة) ، والأخريان بقدر النصف.
قال:(وفي الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر، والأخريين على قدر النصف من ذلك) رواه مسلم، ففي العصر الأوليان منه بقدر الأخريين من الظهر، قال:(والأخريين على قدر النصف من ذلك، والأخريين من العصر على قدر النصف من ذلك) أي: نصف السجدة، وهو الربع.