بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فيقول المصنف رحمه الله: [وعن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمس أوسق من التمر صدقة) رواه مسلم] .
أتى المصنف رحمه الله تعالى إلى هذه المسألة، وقد أجمعوا على أن الأموال المتفق على زكاتها أربعة وهي: بهيمة الأنعام، والذهب والفضة، والزروع والثمار، وعروض التجارة.
فهذه الأجناس من حيث هي زكوية، ويختلف التفصيل فيها حسب نوعها وطريقة الحصول عليها.
وفي هذا الحديث يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأموال الزكوية لها أنصباء، بخلاف من شذ وقال: كل مال يزكى ولا عبرة بنصاب ولا بحولان الحول! وهذا في الواقع فيه إجحاف على المالك؛ لأنه يحمله الزكاة على كل ما يملكه ولو كانت له فيه حاجة.
فاشتراط بلوغ المال الزكوي نصاباً فلأنه يدل على وفرته في يد صاحبه، وكذلك اشتراط الحول يدل على استغنائه عنه حولاً كاملاً، ومن كان في يده مال مستغن عنه لمدة سنة فلا شك أنه غني، أما الفقير فهو إما أنه لا يملك شيئاً، أو إذا ملك شيئاً فإنه لا يستمر في يده إلى حول كامل.
ومن هنا قالوا: مشروعية الزكاة بنيت على الإرفاق والتعاون، فهي إرفاق بالمالك فلا يكلف الزكاة إلا في حالة غنى، وحالة الغنى أن يملك نصاباً من المال الزكوي يستغني عنه سنة كاملة، وحالة الإرفاق بالفقير أن يأخذ جزءاً من مال الغني يستعين به، ومن الإرفاق بالغني أيضاً قلة ما يؤخذ منه في النصاب الذي يملكه.