ذكر العلماء في آداب عيادة المريض أن على الزائر أن يغلب عند المريض جانب البشرى، وآمال العافية، وأن يرقيه، ويفسح له في الأجل.
وألا يتبع نظره أثاث البيت الذي هو فيه؛ فإنه ربما تكون الحال متوسطة، أو دون ذلك، فيستضر صاحب البيت من أن تتأمل حالته بأنها رديئة أو قليلة أو غير ذلك.
وألا يطيل الجلوس عنده، فقد يكون في حاجة إلى خدمة أهله فتحجبهم عنه، وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يعود المريض بعد ثلاثة أيام؛ لأنه في أول يوم يمكن أن تكون وعكة خفيفة وتذهب، فليس هناك حاجة في أن تثقل عليه، أو تعطل نفسك، فتكون الزيارة بعد ثلاثة أيام.
ويقول بعض العلماء: لا بأس أن يزور المسلم المريض الكافر لعله يعرض عليه الإسلام في آخر لحظة فينفعه الله بذلك فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان له خادم، يهودي، فغاب الخادم فسأل عنه صلى الله عليه وسلم فقيل: مريض، قال: قوموا بنا نعوده، فيذهب صلوات الله وسلامه عليه إلى خادم، ليس إلى أمير أو رئيس أو نحوه، بل خادم ويهودي!! أي أنه جمع النقيصتين، فلما أتاه وجلس عنده، وكان في لحظاته الأخيرة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا غلام! قل: لا إله إلا الله، فنظر الغلام إلى أبيه، وكان عند رأسه -كأنه يستشيره- فإذا بالأب يقول: أطع أبا القاسم يا بني!) الله أكبر! وأنت لماذا لا تطعه؟ لنعلم يا إخوان أن قضاء الله، وقدر الله فوق كل شيء، الولد في حالة الاحتضار، والرسول صلى الله عليه وسلم يعرض عليه الإيمان، فيلتفت إلى أبيه كالمستشير، فإذا بالأب يشير عليه أن يطيع الرسول، فلم يقل له الرسول: وأنت أيضاً أطعني، عملاً بسنة التدرج، فقالها الغلام، وسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم والحاضرون من الصحابة، ثم فاضت روحه، فقال صلى الله عليه وسلم لمن معه من المسلمين:(تولوا أنتم أمر أخيكم) انظر محاسن الإسلام! انظر فضل الله على عباده! مجرد أن نطق بها صار أخاً من إخوانهم، صار صحابياً بين يدي رسول الله، وهذا من بركة زيارته صلى الله عليه وسلم.
وهذا باب كما يقولون يأتي في الآداب والأخلاق وحقوق الجوار.