قال المصنف:[وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء، أخرجه مسلم] .
تقدم أن من هيئة صلاة الاستسقاء رفع اليدين حتى يُرى الإبط، وكيف يكون وضع اليدين في حالة رفعهما؟ يذكر العلماء أن الإنسان إذا سأل الله فإن سؤاله في أحد أمرين: إما أن يسأله جلب نفع، أو يسأله دفع ضر، وهذان الأمران هما مقاصد العقلاء في الدنيا، فلا تجد عاقلاً في أي بقعة من الأرض من أي جنس من الأجناس على أي دين من الأديان.
إلا وهو يسعى لأحد أمرين، إما ليجلب نفعاً، أو ليدفع ضراً، فيقولون في آداب الدعاء: إن كان الدعاء لطلب نفع طلب بأكف يديه، وجعل أكفه إلى السماء، وجاء الحديث:(إن الله حيي كريم يستحيي من عبده أن يمد يديه فيردهما صفراً) ، وإذا كان الدعاء لدفع مضرة.
قالوا: يجعل ظهور يديه إلى السماء، كأنه يريد أن يدفع هذا الذي نزل، والاستسقاء فيه طلب نفع، وفيها دفع ضر، ولكن دفع الضر مقدم؛ لأن دفع الضر هو السبب لطلب الخير، والضر النازل هو القحط.
فقالوا: كان صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه إلى الاستسقاء قدم جانب دفع الضر الواقع بهم، كما في حديث عائشة (شكوتم إليّ قحط بلادكم) ، والقحط ضر، فكان يجعل ظهور كفيه إلى السماء، والله تعالى أعلم.