للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (إذا طلع الفجر فقد ذهب وقت كل صلاة الليل والوتر)]

قال رحمه الله: [وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا طلع الفجر فقد ذهب وقت كل صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر) رواه الترمذي] .

أيها الإخوة! لعله إلى هذا الحد يكون المؤلف رحمه الله قد أنهى مباحث الوتر، وسيبدأ في موضوع مستقل وهو الضحى، وقد أورد لنا مشاكل فيه، ولكن يهمنا بأن هناك مباحث أخرى في الوتر لم يتعرض لها المؤلف، وربما يتعرض لها في قيام الليل في رمضان أو التراويح، أو في صلاة الصبح، ألا وهو القنوت في الوتر، والقنوت في الوتر جاءت به النصوص، أو بصفة عامة مجملة، القنوت هو الدعاء في الصلاة، قال تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:٢٣٨] أي: داعين مخبتين خاشعين إلخ.

والقنوت من حيث هو أمر طارئ جديد على الصلاة، لم تكن مشروعيته من قبل، ولكن طرأ وبدأ القنوت في النوازل، قنت صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعل وذكوان في قصة قتل القراء في بئر معونة، ثم بعد ذلك جاءت أحاديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا، والنوازل لم تكن دائماً، وهنا وقع الخلاف والنزاع والبحث: هل الوتر دائم أم الوتر مؤقت؟ فمن قال: إنه مؤقت، قال: وقت النوازل فقط، حروب زلالزل محن شدائد، يقنت الأئمة في الصلوات، ومنهم من قال: يقنت في الصلوات الخمس، ومنهم من قال: يقتصر على البعض من الصلوات فقط.

ففي حالة النوازل، المشهور القنوت في الصلوات الخمس، وفي غير النوازل الخلاف في القنوت في الفجر أو في الوتر، والأئمة الأربعة رحمهم الله يقولون بالقنوت في غير النوازل، ولكن منهم من يقنت في صلاة الصبح، ومنهم من يقنت في صلاة الوتر.

ثم بعد هذا التقسيم: منهم من يجعل القنوت قبل الركوع في الركعة الأخيرة بعد ما ينتهي من القراءة يكبر وهو قائم ثم يقنت، ومنهم من يجعل القنوت بعد الرفع من الركوع، ثم منهم من يجهر، ومنهم من يسر.

إذاً: بحث القنوت مستقل من حيث هو في موقعه وسببه وتوقيته.

وعلى كل حال: استقر الأمر عند الأئمة الأربعة رحمهم الله بأن القنوت طيلة السنة موجود، اللهم إلا بعض العلماء يستثني النصف الأول من رمضان لا يقنت فيه، ويقنت في النصف الأخير كما جاء عن بعض المالكية، ولكن المتبع والمشهور عند الجميع أن القنوت موجود طيلة العام، فهناك من جعله في الوتر كالحنابلة والأحناف، ومنهم من جعله في الصبح كالمالكية والشافعية، ومنهم من يجعله قبل الركوع، ومنهم من يجعله بعده.

ومهما يكن من شيء فإن تلك الصور كونه في الصبح كونه في الوتر كونه قبل الركوع كونه بعد الركوع كل ذلك ورد فيه نصوص، ولا ينبغي للإنسان أن يعترض على آخر إذا رآه أوقع الوتر في أي صفة من تلك الصفات، أما دعاء القنوت فقد جاء عن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنه الحديث: (اللهم اهدني فيمن هديت.

إلخ) ، وبالله تعالى التوفيق.