للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدد الهدي الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم والفرق بين النحر والذبح]

أتى صلى الله عليه وسلم المنحر وكان معه من الهدي مائة بدنة، بعضها أخذها معه من المدينة، وبعضها أتى بها علي من اليمن، وشركه في هديه، فنحر صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ثلاثاً وستين بدنة، ونحر علي الباقي.

والنحر للإبل والذبح للغنم، وأما البقر فمختلف فيه، والجمهور على أنها تذبح كما تذبح الشاة، والذبح هو: قطع الحلقوم من عند الرأس، والنحر هو: الطعن في اللبة من عند الصدر، والسبب في النحر أنه أسرع لإخراج الدم، فلو ذبح البعير لكانت المسافة بين القلب وبين مكان الذبح طويلة، ولكن لما تنحر الإبل تكون الفتحة التي يخرج منها الدم قريبة من القلب، فيستطيع القلب في فترة ما بين الحياة والموت أن يتخلص من جميع الدم الموجود في جسم الناقة، ولكن لو ذبحت فإنها تحتاج إلى (ماطور) في الصدر حتى يخرج الدم من مسافة رقبة البعير الطويلة، فيحتاج إخراج الدم يحتاج إلى مجهود؛ لأن القلب في مكان منخفض وسيتوقف بالموت قبل أن يخرج جميع الدم، فكان السر في نحر الإبل هو تيسير خروج الدم من جسم الإبل؛ لأن الغرض من النحر أو الذبح هو تخليص اللحم من الدم؛ لأن الدم فيه ثاني أكسيد الكربون، وفيه الأكسجين، فالأكسجين هو مادة الحياة، وثاني أكسيد الكربون هو غاز سام، والدم في خروجه من القلب إلى الجسم يحمل الأكسجين ليغذي به الجسم، وفي عودته من الجسم إلى القلب يحمل ثاني أكسيد الكربون ويمر في عودته بالرئة، فتصفيه من هذا الغاز السام عن طريق (الفلتر) الموجود في الرئة، فمواضع الترشيح التي في الرئة، تستخلص منه الغاز السام وتعطيه الأكسجين ويرجع في دورته إلى الجسم للتغذية مرة ثانية، وهكذا.

ولهذا يقولون: إن الحركة السريعة التي يأتي بها المذبوح من الطير أو الحيوان كبيراً كان أو صغيراً تساعد على إخراج الدم من الجسم إلى الخارج ليصفو اللحم، ومن هنا كانت الميتة فاسدة وضارة؛ لأنها تحتبس وتختزن القسم الذي فيه السم وهو ثاني أكسيد الكربون فيؤذي، ولهذا إذا وجدت شاة ميتة وذبحت شاة أخرى حية وسلختها وعلقت لحمها بجانب هذه الميتة فإن الفساد يسرع إلى الميتة حالاً، ويظل اللحم الآخر الذي هو مذكى ومذبوح صالحاً بعد ذلك لمدة يوم أو يومين لم يطرأ عليه الفساد؛ لأنه تخلص من عوامل الإفساد التي خرجت مع الدم.