تقدم بيان الاستعاذة من عذاب القبر وفيه إثبات وجود عذاب القبر بالفعل، والنصوص قد تقدمت في هذا، ومنها الإشارة من كتاب الله، وتقدم هذا الأمر بما يغني عن إعادة الكلام فيه.
ودائماً وأبداً يا إخوان! إذا وجدنا مقترنات متعددات مختلفة جاءت في حديث نبوي، ونعلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم والحكم؛ فلو تأملنا في تلك المتعددات التي جاءت في نسق من حديث رسول الله نجد بينها ارتباطاً، وقد أشرنا إلى ما يقوله العلماء من الارتباط بين البخل والجبن؛ لأنهما مقترنان لا ينفكان؛ فكل بخيل جبان وكل جبان بخيل، بخلاف الشجاع والكريم، كل شجاع كريم، وكل كريم شجاع، ثم بعد ذلك أُرد إلى أرذل العمر؛ لأن الرد إلى أرذل العمر يجعل الإنسان في حالة لا يعي شيئاً مما حوله، وهو كالذي جمع البخل والجبن سواء، ثم يأتي بعد هذه الأشياء التعوذ من فتنة الدنيا سواء كانت في المال بالتبخيل أو بالتبذير والتعدي، أو كانت في الجبن من التقصير من الواجب أو التهور في التعدي على الآخرين، فجاء التعوذ من فتنة الدنيا ليعم كل ما تقدم، ثم جاء التعوذ من عذاب القبر لأنه النهاية، وهو البرزخ بعد الحياة.