للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الجهاد في سبيل الله]

وفضل الجهاد ليس في حاجة إلى بيان، وتكفي آية واحدة، فالمولى سبحانه وتعالى هو الممتن على الإنسان بإيجاده، والممتن عليه بما بيديه، ثم يأتي سبحانه ويتلطف مع عباده ويعقد معهم صفقة ويقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة:١١١] اشترى منهم ماذا؟ {أَنفُسَهُمْ} [التوبة:١١١] ، هل ورثوها من آبائهم؟ هل صنعوها؟ هل أنتجوها؟ لا، بل منحهم الله إياها، وكما يقول ابن القيم وغيره من علماء الرقائق: أنفسهم هنا هي أرواحهم، والنفس تطلق ويراد بها الروح، وتطلق ويراد بها الجسم مع الروح معاً، قال الله: {لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ} [النساء:٨٤] ، وقال: {أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ} [الأنعام:٩٣] ، وقال: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي} [الفجر:٢٧-٢٨] ، فقد تطلق ويراد بها الروح فقط، وقد يراد بها مجموع الإنسان، فهنا اشترى من المؤمنين أنفسهم، يعني: شخصيتهم روحاً وجسماً (وَأَمْوَالَهُمْ) اشتراها، وما هو الثمن؟ (بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ) الثمن والله غالٍ، وسلعة الله غالية، (بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ) ، إذاً: يكفي هذا، وقال تعالى عن الشهداء: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩] ، فلا حاجة إلى الكلام في هذا، والسكوت عنه أولى؛ لأنه بوضوحه لا يحتاج إلى بيان، فترك الجهاد في سبيل الله مهلكة، ومن يوم أن ترك الناس الجهاد في سبيل الله واشتغلوا بالزراعة وببيع العينة، سلط الله عليهم الذل.