بقي عند الفقهاء تحقيق المناط وهو: كيف يتم السجود حقيقة على الجبهة؟ إذا كانت الغترة، أو عمامة، أو قلنسوة أو أي شيء على الحواجب، وسجدت على الأرض، فهل الجبهة باشرت الأرض أم أن بينهما حائل؟ الفقهاء يبحثون عن أثر وجود عازل أو حاجز بين الجبهة وموضع السجود على السجادة أو التراب أو الحصى، هل هو سجود على الجبهة أم سجود على الحائل دون الأرض؟ فنجد النزاع أو الخلاف يرجع إلى تحقيق المناط في حقيقة السجود، فنجد بعض العلماء وخاصة الشافعية يشددون في هذا ويقولون: لا يصح السجود إلا على الجبهة، ولا يصح على خارج عن الجبهة أو شيء يتحرك بحركة المصلي، هل تتحرك معك الغترة أم لا؟ نعم، إذاً: لا يصح أن تسجد على طرف الغترة، لابس درّاعة كبيرة واسعة أو برنس أو ثوب البادية وكمه يُدخل اثنين معك، أو أي شيء يتحرك بحركتك في قيامك وقعودك؛ لا يحق لك أن تسجد عليه عند الشافعي.
وغيره يقول: الأمر أوسع من هذا؛ لأن السجود يتحقق بالانحناء ووضع الجبهة إلى الأرض، وكونه يوجد حائل أو لا يوجد حائل فإن ذلك لا يمنع من كونه سجد، لكن يذكر الصنعاني في شرح هذا الحديث، وابن حجر في شرحه في الفتح روايات -وإن كان يضعفها البيهقي رحمه الله-: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يسجد على كور العمامة) ، والكور: هو التكوير، والعمامة تلف مثل عمامة الرجل السوداني وأمثالها، فالاستدارة التي توجد على الرأس إذا كانت إلى الجبهة وسجد، فهل سجد على الأرض أم على كور العمامة؟ يقولون: هذا سجد على كور العمامة، وفي الحديث:(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً سجد على كور العمامة فأشار إليه أن يرفع) ولكن كما قلنا: البيهقي ضعف كل هذه الروايات.