قال المؤلف رحمه الله: [وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة) متفق عليه] .
قوله صلى الله عليه وسلم:(إن إبراهيم حرم مكة) هنا إسناد التحريم إلى إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وهناك إسناد التحريم إلى الله سبحانه وتعالى، والحديثان كلاهما صحيح، وقد جمع العلماء بين هذين الخبرين: بأن الله قد حرمها فعلاً يوم خلق السموات والأرض، وأخبر ملائكته بذلك، ولكن العمل بهذا التحريم لم يكن إلا زمن إبراهيم عليه السلام، فيكون تحريم الله سابقاً تكريماً، وتحريمه في زمن إبراهيم عليه السلام تعليماً، وإنما التكليف حصل بتحريم إبراهيم عليه السلام، أو أن إبراهيم أظهر تحريمها بعد أن نسيه الناس وتوالت عليه القرون الطويلة، والذي يهمنا أن حرمة مكة أمر مقطوع به.