قال رحمه الله: [ولـ أحمد والدارقطني نحوه من وجه آخر، وزاد:(وأما في الصبح؛ فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) .
] .
في حديث أنس:(قنت شهراً ثم ترك) لماذا؟ انتهت المهمة، وإلى هنا محل اتفاق، لكن بجمع أطراف الحديث وطرقه ورواياته زيادة على ما اتفق عليه البخاري ومسلم، فروى أحمد رواية أخرى:(أما الصبح ... ) ، ولماذا ذكر الصبح هنا، نفهم من قوله:(أما الصبح) أن القنوت السابق لمدة شهر في جميع الصلوات ثم ترك، أما الصبح وهو إحدى الصلوات الخمس فلم يزل يقنت فيها حتى فارق الدنيا.
إذاً: حديث أنس خاص في النوازل، وقوله:(حتى فارق الدنيا) عام في نوازل وغير نوازل، وحديث أنس فيه عموم الصلوات الخمس، وفيه خصوص صلاة الصبح، لكن نجد علماء الحديث يقولون: إن القنوت في النوازل فقط على ما جاء في المتفق عليه من حديث أنس، وينفون القنوت في غير النوازل، ففريق قال: أما الصبح فلا زال يقنت بصفة دائمة نوازل أم غير نوازل حتى فارق الدنيا، والآخرون يقولون: انتهت بانتهاء الشهر، ونتنبه إلى دقة مآخذ الفقهاء من الألفاظ في هذا السياق.
إذاً: انتهينا إلى مسألتين: الرواية المتفق عليها، وفيها القنوت في النوازل فقط، وهذا مما لم يختلف فيه أحد، والرواية التي عند أحمد زيادة على ما عند الشيخين، وفيها إثبات القنوت في الصبح خاصة، وهذا الذي أخذ به من أخذ أن القنوت في الصبح، وستأتي الأحاديث الأخرى تبين أن القنوت كان في الوتر، والشافعي والمالكية أخذوا من هذه الرواية القنوت في الصبح، وإن اختلفوا هل هو قبل الركوع كالمالكية، أم بعد الركوع كالشافعية، وسيأتي تفصيله إن شاء الله.