[الصفة الثانية لصلاة الخوف]
قال رحمه الله تعالى: [وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد، فوازينا العدو فصاففناهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاؤوا فركع بهم ركعة، وسجد سجدتين، ثم سلم، فقام كل واحد فيهم فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين] .
قوله: (وازينا العدو فصاففناهم) ، يعني: ليس هناك اشتباك، بل كلٌ منهما مواجه للآخر، وحينئذ حانت الصلاة؛ فكانت صلاة الخوف.
قال: (فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل ... ) .
قوله: (ثم انصرفوا) .
أي: صلوا ركعة واحدة ولم يتموا لأنفسهم، وذهبوا هناك، فذهبوا بركعة واحدة، ثم جاء أولئك وصفوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: [ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل، فجاؤوا فركع بهم ركعة، وسجد سجدتين ثم سلم.
] .
في هذه الصورة الثانية التي ساقها المؤلف كل طائفة صلت مع النبي ركعة واحدة، والأولى بعد الركعة الأولى ذهبت للحراسة، وطائفة الحراسة جاءت وصلت الركعة الثانية للنبي صلى الله عليه وسلم والأولى لها، فأصبحت كل طائفة صلت ركعة واحدة، والإمام صلى ركعتين، فيكون الإمام قد أتم صلاته والطائفتان بقيت على كل واحدة منهما ركعة، فالإمام هنا سلم؛ لأنه أتم صلاته.
قال: [فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة] .
بعدما صلت كل طائفة مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة، الأولى صلت مع النبي الركعة الأولى وانصرفت، والطائفة الثانية جاءت وصلت مع الرسول عليه الصلاة والسلام ركعته الثانية وهي الأولى في حقها، فالإمام أتم صلاته ركعتين، وكلتا الطائفتين كل منهما صلى واحدة، فبعد أن سلم الإمام كل طائفة تصلي لنفسها ركعتها الباقية.
لكن هل بعدما سلم الإمام تقوم كل طائفة تصلي لنفسها، وتصبح الطائفتان في وقت واحد في صلاة، أم أن واحدة تكمل لنفسها والأخرى تبقى في الحراسة؟ الصحيح أن تبقى واحدة في الحراسة وتتم الأخرى؛ لأنه لو كل طائفة بادرت بإتمام ما عليها لضيعت الحراسة، كما يقول ابن حجر: هل هو في وقت واحد أو على التعاقب؟ والصحيح أنه على التعاقب؛ لأنهما لو قامتا لإتمام ما فاتهما، أو إتمام ما بقي عليهما ضيعت الحراسة، والغرض من هذا كله الحفاظ على الحراسة.
ففي هذه الصورة كل طائفة صلت ركعة واحدة وذهبت، ولم تتم لنفسها، والطائفة الثانية أيضاً جاءت وصلت ركعة واحدة، وسلم الإمام، وبقي على كل طائفة ركعة، فعلى كل طائفة أن تأتي بالركعة التي بقيت عليها، ولكن ليس في وقت واحد، بل على التعاقب، والأولى أن الطائفة التي وراء النبي صلى الله عليه وسلم تتم لنفسها أولاً، ثم تتم الأخرى لنفسها في مكانها، والله تعالى أعلم.
قال: [فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين] .
يعني: أتم الركعة الثانية.