مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان سراً
هذا الحديث من أعظم الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم، (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول) ، إلى هنا أكتفى المؤلف وتتمة الحديث:(ثم صلوا عليّ وسلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة لا تنبغي إلا لعبدٍ واحد، أرجو الله أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة كنت له شفيعاً يوم القيامة) .
السنة بعد أن ينتهي سامع الأذان من حكاية المؤذن أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم سراً كما حكى ألفاظ المؤذن، وكذلك المؤذن حينما يفرغ من الأذان بصوته العالي الذي ينادي به الناس، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم سراً ليكون ممتثلاً، وكما يقول السامع للأذان ذلك، كذلك أيضاً المؤذن، ويقول -ما علمنا صلى الله عليه وسلم- مثل السامع:(آت محمداً الوسيلة والفضيلة) .
وفي هذا الحديث ما ينبغي التنبيه على أن بعض الجهات أخذ من هذا الحديث الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب كل أذان بصوت مرتفع كألفاظ الأذان! وأدخلوا الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان بناءً على ذلك! قالوا: فالمؤذن يصلي عليه كما كان يؤذن لقوله: (فصلوا علي) ، فنقول: التشريع صحيح، ولكن الكيف خطأ، ما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كان الخلفاء الراشدون، ولا المؤذنون لهم يصلون على النبي عقب الأذان بارتفاع الصوت، وهذا جعل بعض الجهال يظنون إلى اليوم أنها ضمن الأذان وضمن ألفاظه.
وهذا لا ينبغي.
قال ابن الحاج في المدخل: لا شك أن الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات، ويكفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من صلى عليّ مرة واحدة صلى الله عليه بها عشر مرات) ، واحدة منك يا عبد يا مسكين تقابل بعشر مرات من رب العالمين! أي فضل أعظم من هذا؟ فإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي أن تأتي بها إلا في المواضع التي شرعت فيه، وما شرعت الصلاة والسلام على رسول الله عقب الأذان بصوت مرتفع كالأذان، فقال رحمه الله -وهو الحق-: نعلم أن هناك مواطن لا يجوز الدعاء فيها، حتى أعظم القربات، فالقرآن هو أعظم القربات فبكل حرف منه عشر حسنات، ومع ذلك نهينا عن قراءة القرآن في الركوع وفي السجود، مع أن الإنسان أقرب ما يكون من الله وهو ساجد، ومنعت هذه في تلك، فكل شيء مكانه، ولا ينبغي الابتداع، ولا ينبغي إيجاد ما لم يوجد من قبل، وكما قال مالك رحمه الله:(لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) .