أما الحجامة: فلم يأت نص صحيح صريح في الغسل منها، وإنما جاءت النصوص بأنه غسل الدم، وجاءت النصوص بأنه احتجم وهو صائم، وجاءت النصوص بأنه توضأ، وقيل: الوضوء بمعنى الغسل، وقيل: لا ندري هل كان متوضأ قبل أن يحتجم أم لا؟ وهل كان وضوءه للحجامة؟ لم يأت من قوله عليه الصلاة والسلام نص قولي بأن من احتجم يغتسل، إنما اغتسل صلى الله عليه وسلم بعد الحجامة، فهل كان ذلك عن الحجامة أم لأمر غير ذلك؟ جاء عن بعض السلف أنه غسل ميتاً فاغتسل، فقال: لا تظنوا أني اغتسلت لأني غسلت الميت، بل اغتسلت للحر.
فهذه نصوص ترجح رأي الجمهور بأن من غسل ميتاً ليس بواجب عليه أن يغتسل كغسل الجنابة الذي جاء في هذا الحديث.
وعلى هذا: يأخذ العلماء أن دلالة الاقتران ليست قوية، ولا تؤدي إلى الوجوب أو المساواة؛ لأن عائشة رضي الله تعالى عنها جمعت بين الغسل للجمعة وللجنابة وللحجامة ولتغسيل الميت، فكلها قرنتها في سياق واحد، فهل الاقتران يدل على أن حكمها واحد؟ نجد الفرق بين الغسل للجنابة، والغسل للجمعة، والغسل للحجامة، والغسل للميت، فليس هناك غسل متفق على وجوبه إلا غسل الجنابة، وتقدم التنبيه على تلك الأنواع الأخرى المذكورة في الحديث، والله تعالى أعلم.