ما حكم الفطر للمسافر إذا نزل في أثناء سفره منزلاً لحاجة؟ لنفرض أن إنساناً سافر من المدينة إلى مكة لعمرة، أو سافر من المدينة إلى الشام لتجارة، وهو في رمضان، وكان يفطر أثناء السير في الطريق، فوصل البلد الذي يريده مؤقتاً، فهل يظل مفطراً بحكم السفر أو بمجرد وصوله إلى البلد الذي نزل فيه انقطع عنه حكم السفر؟ الجمهور قاطبة يقولون كما قالوا في قصر الصلاة: إن كانت إقامته في تلك البلدة المؤقتة أربعة أيام فأقل فله الفطر، ولكن يكون سراً، ولا يظهر فطره للناس، وإن كان أكثر من ذلك فليصم من أول يوم وصلها، وقالوا: إن دليل ذلك من الحالة والعرف، واقتباساً من النص أو الفعل الذي جاء عنه صلى الله عليه وسلم.
وإن كانت إقامته في تلك البلدة مجهولة النهاية عنده، فيختلف الحكم عن الحالة الأولى التي عرف أنها أربعة أيام فأقل، وينقطع عنه حكم السفر، فإذا عرف أنها أربعة أيام فأكثر محددة، عشرين، شهر، أو أكثر أو أقل؛ فإنه يرتفع عنه حكم السفر ويصبح صائماً.
وإذا لم تكن المدة معلومة، هل هي يوم أو أربعة أو عشرة أو عشرين؟ ويشبهون ذلك بمن يسافر برفقة غيره، كأتباع التجار وأتباع الأمراء وأتباع القادة، لا يعلمون متى تنتهي المهمة، وعندما يرجع المسئول عنهم يرجعون معه، ولم يخبروهم متى سنرجع أو متى سنرحل، فالمدة مجهولة عندهم، فإذا كان شخص كذلك ذهب إلى الشام للتجارة، أو ذهب إلى مكة عمرة، وجاءت شواغل وهو لا يدري متى تنتهي، العمرة معروف أمدها، لكن إذا كان في سفر آخر يريد أن يلقى فلاناً، يريد أن يصنع كذا، ولا يدري متى ينتهي التصنيع؛ فحينئذ له أن يفطر ويقصر إلى عشرين يوماً، وما زاد عن ذلك وجب عليه الصوم، هكذا يقولون فيمن أقام مدة لا يعلم مداها.
والآخرون يقولون: ما دام قد وصل فعليه الصوم؛ لأن مشقة السفر قد انتهت عنه، ولكن يقولون: الثلاثة الأيام وما شابهها تتبع ما قبلها؛ لأنه لا يزال في عناء السفر، وسيواصل السفر بعدها.