الرسول صلى الله عليه وسلم ينص هنا ويأمرنا ويرشدنا:(استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه) والحديث الآخر: (أما أحدهما فكان لا يستتر من البول -واللفظ الآخر: من بوله-) فأخذ بعض العلماء كلمة: (من البول) على عمومها، وجعل كل بول من كل حيوان يجب أن نستنزه منه، والبعض أخذ هذا العام وخصصه بالخاص وهو لفظ (بوله) أي: بول الإنسان.
ثم قسموا بول الحيوان إلى قسمين: ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه، فما لا يؤكل لحمه فبوله نجس عند الجميع، وما يؤكل لحمه فبوله طاهر عند مالك وعند أحمد، وقال الشافعي وأبو حنيفة: بوله أيضاً نجس كعامة الأبوال.
والذين قالوا بطهارة بول مأكول اللحم قالوا بأنه جاءت نصوص تؤيد هذا، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء العرنيون واجتووا المدينة ومرضوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهبوا مع رعاة إبل الصدقة، فيكونوا معهم في البادية، وليشربوا من ألبان الإبل ويغتسلوا من أبوالها، وكذلك الأمر (صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل) وإذا صلوا في مرابض الغنم، وفيها أبوالها وأبعرتها، فيكون قد صلى في موطن فيه بول مأكول اللحم، فإذاً: أبوالها طاهرة.
والشافعي -كما أشرنا- يعتمد على عموم الأمر بالتنزه من البول على أن (ال) للاستغراق فهي تستغرق جميع البول.
وبعض العلماء يقول:(ال) هنا للعهد، أي: عهد الإنسان المخاطب، وهذا لعله الأرجح، والله تعالى أعلم.