وهنا مسألة أخرى: الشريك باع والمشتري استلم، والشريك القديم لم يطالب، ثم إن المشتري وجد في نفسه أنه غبن، ووجد عيباً أو جد شيئاً ندم بسببه على الشراء، فرجع إلى البائع وقال: أقلني بيعتي، وطلب الإقالة، فقام الشريك الأول حينما تمت الإقالة ورجع الشقص لصاحبه كما كان، هل يحق له أن يشفع عقد الإقالة الجديد أو لا يحق؟ سنأتي ونقول: هل الإقالة فسخ أو بيع؟ الجمهور على أن الإقالة فسخ للعقد الأول، والمالكية يقولون: هي عقد من جديد؛ ولذا يجوز له أن يقيله بزائد على الثمن أو بأنقص؛ لأنه بيع.
والجمهور يقولون: لا.
إذا أقاله لا يأخذ منه درهماً ولا ينقصه من حقه شيئاً، فإذا اشتراها بألف وقال له البائع: أنا أقيلك وأرد لك تسعمائة فأنقص من حقك مائة فلا.
وبموجب ماذا ينقص؟ قالوا: لأنه عقد بيع ومساومة، فإذا جاء البائع وطلب الإقالة، وقال: أنا ندمت أني بعتك، أنت اشتريت مني بألف، أنا أعطيك ألف ومائة ورده عليّ، فهنا الزيادة والنقص في عقد الإقالة يجعلها بيعاً.
فإذا حكمنا بأن الإقالة فسخ للعقد الماضي، إذاً: لم ينتقل الملك انتقالاً جديداً فلا شفعة.
وإذا حكمنا على الإقالة بأنها بيع ووقعت في صورة البيع بزيادة أو بنقص، مساومة من جديد قلنا: فيه الشفعة، والله تعالى أعلم.
وأوصي الإخوان أن يراجعوا هذا الباب في تلك المراجع التي ذكرناها سابقاً، وهناك رسالة ماجستير لرجل مغربي عمل مقارنة في الشفعة بين المذاهب الأربعة وفي القوانين، فلو اطلع إنسان عليها فهي مفيدة؛ لأنه تعمق في البحث تعمقاً كبيراً.
والله تعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.