لو تأملنا في كل ما جاء النهي عن بيعه فإننا نجد عنصر التحفظ عن أكل أموال الناس بالباطل هو السبب البارز في النهي عن جميع البيوع المحرمة؛ لأن من أخذ شيئاً مخاطرة، وكان فيه غبن، كان فيه أكل لأموال الناس بالباطل، فإذا وقع الغبن على البائع فقد خسر شيئاً، وأكله المشتري بالباطل، أو وقع الغبن على المشتري في الثمن، فقد نقص عليه شيء، وأكله البائع بالباطل، وهكذا كل هذه الصور يقع فيها أكل أموال الناس بالباطل، وتدخل تحت قوله سبحانه:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة:١٨٨] ، وقوله صلى الله عليه وسلم:(المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) ، والمال لا يحل إلا بطيب نفس من صاحبه، فمهما كانت صفة العقد وصورته وشروطه -وقد وجدنا في الآونة الأخيرة صور عقود لم تكن في السابق- فإنها لم تفلت من نطاق القواعد العامة التي فيها احترام مال المسلم، وتحريم أكله بالباطل.