ويلي المسجد الحرام في الوجود التاريخي بيت المقدس، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول المساجد فذكر أمر البيت، قيل: ثم ماذا؟ قال: بيت المقدس؟ قيل: كم بينهما؟ قال: أربعون عاماً.
فبعضهم يأتي بالتاريخ، ويقول: إن سليمان وداود كانا بعد إبراهيم عليهم السلام بزمن طويل أكثر من أربعين عاماً! ويهمنا أنه كان بعد البيت الحرام بأربعين عاماً كما أخبر صلى الله عليه وسلم، أما داود وسليمان فهما مجددان أيضاً، وقد حدد الله مكان بيت المقدس لنبي الله داود حينما أوحى إليه أن ابنِ لي بيتاً.
قال: وأين -يا رب- أبنيه؟ قال: حيث ترى الفارس المعلم شاهراً سيفه فرأى فارساً على فرسه شاهراً سيفه، في مكان لرجل من بني إسرائيل، فاستدعاه وطلب منه أن يبيعه المكان، فقدم إليه مائة ألف، فقال: بعتك.
ثم قال الرجل: يا نبي الله! أستنصحك -والدين النصيحة-: الثمن خير أم الأرض؟ قال: الأرض خير من الثمن.
قال: أقلني بيعي.
قال: اشتري من جديد.
قال: مائتي ألف.
قال: بعتك.
ثم قال: يا نبي الله! أستنصحك: الثمن خير أم الأرض؟ قال: بل الأرض.
قال: أقلني وتكرر ذلك خمس مرات، ووصلت المساومة إلى خمسمائة ألف، وبعد الخامسة استنصحه أيضاً، واستقاله فأقاله، ثم قال له نبي الله داود: اختر أنت ما تريد، وسمِّ ما شئت أدفعه إليك.
قال: أو تفعل؟ قال: نعم.
قال: تملأه لي نعماً إبلاً وبقراً وغنماً.
قال: أفعل.
ونادى في بني إسرائيل أن يملأوه له كما قال، فعدوا على الرجل ليلاً وأرادوا أن يقتلوه ويأخذوا الأرض، فأصبح الرجل وذهب إلى نبي الله داود، فقال: يا رسول الله! غصباً أم شراء ورضىً؟ قال: بل شراءً ورضىً.
قال: إن بني إسرائيل أرادوا قتلي وأخذي.
قال: لا.
فعرف مكان المسجد الذي أراده الله، وبنى بيت المقدس حيث رأى الفارس المعلم شاهراً سيفه.
فكان تحديد بيت المقدس من الله، وكان بناؤه على يد نبي من أنبياء الله.