قال المصنف رحمه الله: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يسأل الناس أموالهم تكثراً؛ فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر) رواه مسلم] .
بعض السائلين يسأل الناس أكثر من حاجته، هو في حاجة إلى قوت اليوم، ويسر الله له عشرة ريالات أو خمسة ريالات أو أكثر أو أقل بحسب حالة البلد، ومعه ما يكفيه اليوم، فلماذا يطوف على الناس؟ ولماذا يلح على الناس؟ كان يكفيه هذا، وغداً ييسر الله له الأمر، لكن نسأل الله السلامة! (من يسأل الناس تكثراً) أي: يكفيه عشرة ريالات، ولكنه يطلب عشرين وثلاثين وأربعين وكلما جاءه أخذه وأكله {أَكْلاً لَمّاً}[الفجر:١٩] ، هذا الذي يسأل الناس تكثراً إنما يأكل جمراً، فليستكثر من ذلك أو ليستقل.
وهل الرسول يأمره هنا أن يستكثر أو هذا من باب:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً}[الكهف:٢٩] ؟ فهذا ليس تخييراً، بل هو تهديد، أي: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ونحن قد أعددنا للظالمين وللكافرين ناراً، فليس المعنى: من شاء آمن ومن شاء كفر فلا عليه، المعنى: اعمل الذي تريده، ونحن عندنا الجزاء، فهذا تهديد وليس تخييراً، لكن الأسلوب أسلوب التخيير، والله سبحانه وتعالى لا يضره كفر الكافر، ولا ينفعه إسلام المسلم، ولكن هذا راجع للإنسان بنفسه، فقوله:(فإنما يسأل الناس جمراً) أي: وما دمت قد عرفت أنها جمر؛ فإن أحببت فتكثر أو تقلل، وهذا في نهاية الزجر.