فلما عرفت المرأة أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهزت الفرصة لتستفيد، فرفعت طفلاً بيدها، وقيل: بضبعه، أي: رفعته من تحت إبطه، إذن: هذا الطفل غلام كبير أم طفل رضيع؟ رضيع، وفي بعض الروايات (في محفته) المحفة: عبارة عن قطعة قماش مستطيلة وفي طرفيها أعواد، ينام الطفل فيها ويربط بالأعواد، وتحمله على ظهرها، وهذا أحسن من هذه العربيات التي يوضع فيها الأطفال اليوم، يوشك أن ينكسر ظهر الطفل من طول قعوده في العربية، أما هذه المحفة فينام الطفل فيها مستريحاً وفي قماش لين، وهي من عادات العرب.
(ألهذا حج) أي: انظر إليه فهو أمامك، ويلاحظ أن ابن عبد البر رحمه الله يقول: كيف يصح لهؤلاء أن يقولوا للرسول صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ ولكن لعل اللقاء كان في الليل.
ولكن إذا كان اللقاء في الليل فكيف تقول المرأة: ألهذا حج؟ وكيف يراه صلى الله عليه وسلم؟ ولا أدري هل أجاب ابن عبد البر على هذه الناحية أم لا، وسواء أكان اللقاء في الليل أو في النهار، فهل كل مسلم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفه؟ لا.
إذاً: لا مانع أن يكون اللقاء نهاراً ولم يعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ألم نجد في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قدم المدينة، ونزل في ظل نخلة، هو وأبو بكر وجاء الأنصار أو بعضهم، ولم يعرفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرقوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر؛ لأنهم لم يروه قبل ذلك، حتى اشتد النهار وقام أبو بكر يظلل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك عرفوا من هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صاحبه؟! إذاً: لا حاجة أن نفترض أن اللقاء كان ليلاً، يهمنا من الحدث:(ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر) .
وكما يقال: الجواب يتضمن السؤال، وعليه فالمعنى: نعم لهذا حج، ولك أجر، يقول العلماء:(لك أجر) أي: في معانات حجه، ولكن القضية عامة، وكما جاء:(من فطر صائماً كان له كأجره لا ينقص من أجره شيئاً) فهذا فعل الخير وكما جاء في الحديث: (الدال على الخير كفاعله) فهذا فضل الله.