[اشتراط جابر في بيعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم]
تقدم في حديث جابر: أن جمله أعيى وكاد أن يسيبه، فضربه النبي صلى الله عليه وسلم بقضيب في يده، فنشط ونهض وصار يسبق ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: أتبيعني جملك؟ قال جابر: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: بعنيه بكذا، قال جابر: ما في مانع، لكن نحن في وسط الطريق، فأشترط حملانه إلى المدينة، جابر اشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وقع شرط مع البيع أم لا؟ البيع صحيح أم لا؟ الشرط صحيح أم لا؟ نعم، قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: عملية أجراها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا أحد يسأل أصحيح أم باطل؟ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المشرع، لكن كيف صح بيع وشرط، وهنا نهى عن بيع وشرط؟ يقولون في الجمع بين الصورتين: حملان البعير من مكان العقد إلى المدينة في عين السلعة، ليس على جابر، الاشتراط هنا في عين السلعة، أن يستبقي حمل البعير وركوبه إلى المدينة، ومثله: لو أردت أن تشتري بيتاً، فقال لك البائع: والله يا فلان! نحن في نصف السنة، وما عندي بيت ثاني أسكن فيه، وأحتاج أن أستأجر -والعادة في المدينة أن الاستئجار يكون من أول السنة- ولكن أبيعك البيت وأستثني وأشترط لنفسي سكنى البيت إلى نهاية السنة، فهنا وقع شرط وبيع، فهل صح البيع أم لم يصح؟ صح؛ لأن الشرط في عين المبيع، والشرط في عين المبيع، لا يلحقه ضرر ولا غرر.
لكن هنا الشرط ليس في السلعة ولكن على صاحبها، والأولى أن يكون بعقد آخر، لما قال: استثني حملانه إلى المدينة، هل فيه عقد استئجار؟ لا، وإنما يراعى فيه التسامح، فما دام أني سأعطيك لتركبه إياه إلى المدينة فخفض من السعر، ويكون هناك رضى، فإذا كان الشرط معلوماً، ولا يؤدي إلى نزاع فلا مانع.
أما إذا كان الشرط غير معلوم القيمة، وفي النهاية إذا أرادا أن يتفاصلا، أدى ذلك الشرط إلى نزاع بسبب الجهالة؛ فهذا ممنوع.