بقي القول الأخير، وهو لـ مالك رحمه الله، وهو المروي عنه والثابت في مذهبه، وهو أن الجمعة تجب على كل جماعة مستقرة، بخلاف البدو الرحل، وبخلاف الجماعة المسافرين، بدلالة يوم عرفة؛ حيث توفر عدد كبير في يوم حجة النبي صلى الله عليه وسلم قُدِّر بأكثر من عشرة آلاف حاج، ومع ذلك لما لم يكن مستقراً، ولم يكن مقيماً، وكان له حكم المسافر ما صلى الجمعة، وكانت الوقفة يوم الجمعة.
فمن تنعقد بهم الجمعة هم قومٌ استوطنوا قرية، أي: البيوت الثابتة، وبعضهم يشترط ألا يكونوا في الخيام، أي: أن تكون البيوت مبنية ثابتة في الأرض ليست للرحيل حينما تأتي الحاجة.
فإذا اجتمع جماعة يمكنهم الدفاع عن أنفسهم إذا هجم عليهم وحش أو غيره، فإنهم يعتبرون أهل قرية مقيمين، وحينئذٍ يقول مالك رحمه الله: إن كثروا أو قلوا فإن عليهم صلاة الجمعة ما داموا لا يرحلون صيفاً ولا شتاءً.