وهنا يأتي بحث في الاستسقاء، فلو أن أهل الذمة طلبوا من المسلمين أن يستسقوا من أجلهم، أو طلبوا أن يخرجوا معهم، أو طلبوا أن يستسقوا لأنفسهم، فماذا يكون الحكم؟ يرى الجمهور: عدم الخروج معهم، وألا يمكنوا من الاستسقاء بأنفسهم، وإن طلبوا من المسلمين أن يستسقوا لهم فعلوا.
وذلك لأنهم قالوا: لو خرجوا وحدهم، وصادف أن سقاهم الله رحمة من عنده لا استجابة لدعائهم، ربما ظنوا أنهم على حق، وأن الله استجاب لهم، وإذا خرجوا مع المسلمين وسقوا من أجل المسلمين، ربما ادعوا بأنهم سقوا بوجودهم معهم، أما إذا طلبوا من المسلمين أن يستسقوا لهم، فهذه هي السنة، فيخرج المسلمون، فإن رحمهم الله فبفضل من عنده، وإن لم ينزل المطر، فهذا أمر خارج عن نطاقهم وقدرتهم.
ومن عجيب ما سمعت أنه في زمن مضى بعض الدول الأوربية حدث فيها قحط فاستسقى المسلمون فسقوا، أو أن أهل البلاد قحطوا فطلبوا من المسلمين أن يخرجوا ليسألوا الله نزول المطر فخرجوا فأمطروا.
ومما يهمنا في هذا الخبر قول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها:(شكا الناس إلى رسول الله) ، وهكذا حال المسلمين، فإذا نابهم أمر هرعوا إلى الرسل، وسألوهم أن يكونوا شفعاء لهم عند الله، فيسألونه رفع الضر الذي نزل بهم.