الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: قال المصنف رحمه الله: [عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) متفق عليه.
وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
ذكره البخاري تعليقاً، ووصله الخمسة، وصححه ابن خزيمة وابن حبان] .
كتاب الصيام من أعظم كتب الفقه دراسة وتحصيلاً وعملاً وتطبيقاً، والمؤلف ابن حجر رحمه الله ساق في هذا الكتاب نحواً من خمسين حديثاً، اشتملت على كل ما يتعلق بالصيام فرضاً أو نفلاً أداءً أو قضاءً.
وبدأ هذا الكتاب بهذا المبحث، وهو: النهي عن أن يتقدم أحد رمضان بصوم يوم أو يومين من شعبان.
وعادة العلماء أن يعرفوا الباب لغة واصطلاحاً، فقالوا: الصوم لغة: مطلق الإمساك: إمساك عن طعام، إمساك عن كلام {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا}[مريم:٢٦] ، خيل صيام وخيل غير صائمة، أي: صيام تمسك عن الجري، ويقول العرب عن الثريا: كأنها علقت بمصام في مصامها، أي: في موقفها عن الحركة والسير.
والصوم شرعاً: مأخوذ من معنى الصوم لغة، وهو: إمساك مخصوص عن شهوتي الفرج والبطن في زمن مخصوص، ألا وهو نهار رمضان، أو غيره إن كان نافلة.
البخاري رحمه الله بدأ في كتاب الصيام بإثبات المشروعية، ثم تكلم عن أحكام الصيام فيما بعد، وعقد فوق الستين باباً لأحكام الصيام، وخمسة أحاديث في ليلة القدر، وتسعة أبواب في الاعتكاف، ومجموعها حوالى ثمانين باباً، فما توسع أحد في باب الصوم كتوسع البخاري رحمه الله.