مباحث الوديعة طال بحثها عند الفقهاء: من الذي يحق له أن يودع، ومن الذي يستحق أن يستودع ويقبل الوديعة، صفة حفظ الوديعة عند المودع بين حفظها ومستوى حرزها، وإذا كانت تحتاج إلى إنفاق والمودِع ليس موجوداً فماذا يفعل؟! وإذا أراد السفر وخشي عليها، ولم يجد صاحبها ولا وكيلها فماذا يفعل؟! أيحملها معه في السفر وهو مظنة الإتلاف؟! أم يودعها عند غيره؟! وهل يضمن بإيداعها عند غيره أم لا؟! وإذا خلطها بماله وكان من جنسها: دارهم مع دراهم، دنانير مع دنانير، تمر مع تمر، زيت مع زيت؟! وإذا خلطها مع غير جنسها: بر مع شعير، وهكذا أيضمن في هذه الحالات أو لا يضمن؟ وإذا كانت في حرز، مثل: كيس أو صندوق ونحوه ففك رباط الكيس أو الصندوق، ولو لم يخرج منها شيء أيضمن أم لا يضمن؟ وكل هذه المباحث موثقة أو مفصلة في كتب الفقه كما أشرنا ذلك عن الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى.
وأهم ما ينبغي التنبيه عليه: أن الصناع سابقاً لم يكونوا يضمنوا؛ لأن الصنعة في أيديهم أمانة، ولكن في زمن علي رضي الله تعالى عنه لما كثر ادعاء الصناعة وتلف السلع ضمنهم، وقال: سداً للباب، وسداً للذريعة، فإذا علم الصانع أن موضوع الصنعة في ذهب أو نحاس أو خشب أو خياطه أو غير ذلك إذا تلف لا يضمن فرط، وإذا علم أنه يضمن بأي حال من الأحوال أتقن.