قال المصنف رحمه الله: [وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحل الذهب لنساء أمتي، وحرم على ذكورها) ، رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه] .
هذه قاعدة الباب التي يدور عليها فقه هذا الباب كله، حيث يخبر صلى الله عليه وسلم: أن الحرير والذهب حرام على ذكور أمته، حلال على نسائها، وهل المراد أن لا يقتنيه؟ وهل الرجل لا يضع في بيته ثوب حرير، ولا يضع في بيته ذهباً؟ لا.
إن المراد انه حرام في استعماله الشخصي، أما إذا اقتنى من الذهب قناطير مقنطرة لتجارة وصناعة فلا مانع من ذلك؛ لأنه لم يلبسه، وإذا تاجر في الحرير وخزنه في بيته، أو في مستودعاته، وباع واشترى فيه، ولم يلبسه فلا مانع من ذلك.
فحلال للنساء استعماله، وحرام على الرجال استعماله، أما القنية فلا دخل لها في ذلك، والذهب حلال للنساء مادام أنه غير مصنع، فإذا صنع نظرنا، فإن صنع أواني فلا يجوز للرجال ولا للنساء استعمال أواني الذهب والفضة، لكن المرأة تستعمله زينةً وحلياً لها فلا مانع، وإن صنعه الرجل بيده ليبيع ويشتري في صنعته حلياً للنساء فلا مانع، لكن أن يصنع ملاعق وصحوناً ونحوها فلا يجوز؛ لأنه لا يجوز تصنيعه، ولا استعماله، ولا اقتناؤه في البيت للرجال ولا للنساء.
وهنا بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحرير والذهب حرام على الرجال بأي نوع من أنواع الاستعمال، وحلال للنساء على الوجه الذي تقدم، فيجوز للمرأة الحرير استعمالاً ولبساً، ما لم يكن لباس الحرير شفافاً يشف عن الجلد ويصف البشرة على ما سيأتي إن شاء الله؛ لأن المرأة مأمورة أن تستر نفسها، والذهب حلال لها أيضاً ما لم يكن في صورة الممنوع، وهو الأواني والاستعمال المباشر، أما للزينة وللحلي فلا مانع من هذا، وهذا الحديث هو القاعدة الأساسية.