والخلطة عند الفقهاء تنقسم إلى قسمين بحسب نوعية التملك: فهناك خلطة أعيان -وهي ما تسمى بشركة الأعيان- وخلطة أوصاف، فخلطة الأعيان: هي الاشتراك بالتملك في أعيان بهيمة الأنعام، مثالها: رجل عنده مائة من الغنم، فتوفي عن ابنين ورثا عنه المائة، فلكل واحد منهما النصف مشاعاً.
أما شركة الأوصاف، فمثالها: رجل هذا عنده خمسون شاة مميزة كل شاة بعينها، فلو اختلطت مع غنم الآخرين استطاع أن يميزها ويخرجها على حدة؛ لأنها معروفة بصفتها.
فالشركة بمقتضى الملك تكون بين جماعة ورثوا رءوساً من الغنم أو اشتروها معاً، أو إنسان نزل إلى السوق بمائة رأس فاشتراها اثنان أو ثلاثة أو أربعة بالشراكة، فصارت المائة من الغنم مملوكة للأربعة المشترين كل بحصته من الثمن، ولو أن كل واحد من الأربعة دفع ربع الثمن فإنهم يكونون شركاء كل واحد بالربع، وكيف يكون شريكاً بالربع؟ كل واحد له في كل شاة ربعها؛ لأنها على المشاع، فإذا ما اقتسموا المائة وكل واحد أخذ خمساً وعشرين شاة أصبحت الخمسة والعشرون في يد كل واحد ملكاً خاصاً، فإذا خلطوها بعد ذلك، صارت شركة أوصاف مشاعة لا شركة أعيان، لأن كل شخص يعرف حقه.
إذاً: خلطة بهيمة الأنعام تنقسم إلى قسمين: خلطة أعيان، كل واحد له نصيب في الجميع مشاعاً، وخلطة أوصاف، فخلطة الأعيان هم شركاء فيها، والزكاة فيها عليهم جميعاً، لكن خلطة الأوصاف هي محل البحث هنا، فعندما يكون أربعة أولاد ورثوا عن أبيهم مائة شاة، وجاء المزكي فوجد المائة الشاة، فقال: لمن هذا؟ فقيل له: لورثة فلان.
فإنه سيأخذ الزكاة من المائة على الجميع، إن كانت أربعين، أو مائة، أو أربعمائة فإنه سيأخذ زكاة الجميع على الجميع، وهذه ليست موضوع بحثنا.
فإذا جئنا إلى خلطة الأوصاف، وجاء اثنان كل واحد منهما له عشرون شاة، والمجموع أربعون، فإنه إذا جاء المزكي ووجد الأربعين، هنا يقول: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع، ولو جاء عامل ووجد زيداً عنده عشرون شاة، ووجد عمراً عنده عشرون شاة، كلها مفترقة، فلا يجمع بينها، فيها أخوان من منطقة واحدة، على بئر ماء واحد، ويرعيان في مرعى واحد، كل واحد يرعى ملكه، وآخر النهار يرجع بها إلى بيته، فكل واحد من الأخوين يملك عشرين منفردة، فإذا جاء العامل ووجد الأربعين ترعى معاً فلا يقول: مجموع الأربعين نأخذ فيها شاة.
لأنها مفترقة فلا تجمعها، فكل واحد من الأخوين عنده عشرون شاة، وصاحب العشرين لا زكاة عليه، فلا يجمع بين مفترق ليكمل النصاب ويأخذ الشاة، بل يتركها على ما هي عليه، ليس فيها زكاة.