قال المؤلف رحمه الله: [ (حتى إذا أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم أتى مقام إبراهيم فصلى، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا) ] .
يقول جابر رضي الله تعالى عنه:(حتى إذا أتينا البيت) وقبل إتيان البيت في حديث جابر وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم في مجيئه من المدينة إلى مكة حينما وصل مكة لم يأت إلى البيت مباشرة، بل بات بذي طوى، وهو المكان المسمى الآن بأبيار الزاهر، وهو معروف إلى الآن بـ (أبواب الزاهر أو بأبوار الزاهر) ، وكان مسمى بذي طوى سابقاً، فبات واغتسل لدخول مكة، ولما أصبح دخل إلى مكة نهاراً، وهنا يقول العلماء: من تيسر له المبيت والغسل في هذا المكان فبها ونعمت، وإن لم يتيسر له المبيت وتيسر له الغسل فبها ونعمت، وإن تيسر له المبيت ولم يتيسر له الغسل فبها ونعمت، يعني: أيهما تيسر له من الأمرين إما المبيت وإما الاغتسال فليفعله، والاغتسال يكون تكريماً لمكة، ومن هنا قالوا: إن على المحرم أغسالا ًمسنونة وهي: الغسل لإحرامه، والغسل لدخول مكة، والغسل للوقوف بعرفات، فهذه الاغتسالات مسنونة في الإحرام، وهي للإحرام وليست للنظافة أو للرفاهية، ولكن من أجل النسك ومن أجل المكان.
فإن لم يتيسر للإنسان المبيت بذلك المكان، ولأن الحال الآن قد تغير عن ذي قبل، فإذا لم يتيسر له فليعمد إلى مكة وإلى مقر سكناه، فإذا وصل واستقر في موطن سكناه إن تيسر له أن يغتسل فبها ونعمت، وإن لم يتيسر له فعليه الوضوء حتى يأتي إلى الكعبة للطواف وهو على طهارة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.