وعن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع) متفق عليه.
هذا الحديث موضع بحث، من حيث قوله صلى الله عليه وسلم:(قوموا) ؛ فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم:(أنه كان إذا مرت جنازة قام، فقام ذات مرة فقيل: يا رسول الله! إنها يهودية! قال: أليست نفساً منفوسة) وهذا القيام كان إعظاماً لأمر الموت والحياة، وإن كان الميت يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً، فإنه لا فرق بينه وبين المسلم في الخِلقة، أما الإسلام والكفر فعقيدة في القلب، أما هذا الهيكل بكامله فهم فيه سواء، لا فرق بينهم.
فكونها نفساً منفوسة خلقها الله، فيها القدرة الإلهية، وفيها آية التكوين، وقد قبضت، وتغيرت حالتها، فالذي يقوم؛ فإنما يقوم إعظاماً وإجلالاً لله سبحانه وتعالى الذي خلق هذه النفس المنفوسة ثم سلبها الروح.
قال الفقهاء: ثم ترك صلى الله عليه وسلم القيام بعد ذلك، فكان صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يجلس، وعليه: من شاء قام ومن شاء جلس، فإن قام فله حق أن يجلس بعد ذلك لظروفه الخاصة، إما إذا كان يريد أن يشيعها؛ فإذا قام فلا يجلس، بل يتبعها حتى يتم تشييعها، والله تعالى أعلم.