الثالث الذي أصابته الفاقة لابد أن يشهد له ثلاثة من ذوي الحجا بأنه قد أصابته فاقة، والأصل في الشهادة كما قال الله:{ذَوَى عَدْلٍ}[الطلاق:٢] ، ولو شهد اثنان على إنسان في قتل نفس لقتل، فيقتل المسلم بشهادة رجلين، وهنا يشترط صلى الله عليه وسلم أن يقوم ثلاثة من ذوي الحجا، والحجا هو: العقل، فيشهدون بأن فلاناً هذا قد أصابته فاقة، والموجب لكون الشهادة هنا ثلاثة أشخاص، مع أنه يكتفى في الجنايات بشاهدين: أن الشاهدين في الجناية يشهدان في أمر ظاهر عياناً، فهما مثلاً رأياه يقتل بآله حادة أو يخنق، وشهدا على أمر ظاهر واضح، أما من أصابته الفاقة فهو في بيته، وهو في أمره وشأنه، فلا نعلم حقيقة مدخله وحقيقة معيشته؛ ولهذا يشترط في هؤلاء الشهود: أن يكونوا من محلته التي يسكن فيها، وأن يكونوا من ذوي الحجا ممن يدركون ويعرفون مداخل الرجل، ويقارنون بين دخله وبين نفقته؟