قوله: [ولـ مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام) ] المؤلف لم يسق هذا ليبين موضع سجدتي السهو هل هما قبل أم بعد؟ وإنما ساق هذا ليبين أن سجدتي السهو لا يمنعها الكلام، ما دام أنه في مصلحة الصلاة، فإذا سلم ثم تكلم ونُبه وتبين له أنه سها، فكلامه هذا لا يقطعه عن الصلاة، وإنما يجبر ما نقص منه أو زاد سهواً بسجدتين ولو تكلم قبلهما.
وساق المؤلف هذا هنا ليبين المسألة؛ لأننا نجد الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا، فبعضهم يقول: السجود بعد السلام، وبعضهم يقول: إن طال الفصل استأنف صلاته من جديد.
ثم اختلفوا في حد هذا الطول؟ فبعضهم يقول: يحدد عرفاً؛ لأنه لم يأت فيه تحديد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول: يحدد بقدر ركعة، وبعضهم يقول: يحدد بقدر الصلاة التي سها فيها، ثم الآخرون يقولون: إذا كان الكلام من مصلحة الصلاة فلا يضر، ولهذا جاء المؤلف رحمه الله بهذا الحديث، وفيه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أوقع سجدتي السهو بعد أن سلم وتكلم) .
وهل المسألة قاصرة على الكلام فقط؟ وإذا تحرك وانتقل من مكانه فما هو الحكم؟ قالوا: إن كان قريباً سجد، وهذا القرب ما حده؟ قالوا: يحدد عرفاً، وبعضهم يقول: ما لم يخرج من المسجد، فإن خرج من المسجد ونبه استأنف من جديد.
إذاً: هذه المسائل كلها موضع بحث وتقدير واجتهاد عند العلماء رحمهم الله.