[الفصل بين المضمضة والاستنشاق]
قال رحمه الله تعالى: [وعن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق) أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف] .
إيراد هذا الحديث في هذا المكان يورد عليه بعض العلماء شيئاً من وجهة النظر في الترتيب؛ إذ كان ينبغي أن يذكر هذا مع المضمضة والاستنشاق هناك.
فقوله: (يفصل) الفصل: جعل كل شيء على حدة.
والمضمضة والاستنشاق جاء لهما صور عديدة: منها: أن يمضمض ويستنشق ويستنثر بالكف التي أخذ بها الماء.
ومنها: أن يمضمض ويستنشق بكف واحدة.
ومنها: أن يفعل ذلك ثلاث مرات بكف واحدة.
ومنهاك أن يفصل بينهما.
فقوله: (يفصل بينهما) يحتمل أنه يأخذ كفاً واحدة فيتمضمض ثلاث مرات، ثم يأخذ كفاً واحدة فيستنشق ثلاث مرات.
فهذا فصل بين المضمضة والاستنشاق.
أو أنه يأخذ للمضمضة غرفة فيتمضمض، ثم يأخذ للاستنشاق غرفة ويستنشق، ويفصل بينهما في أخذ الماء، فالمضمضة لها ماء مستقل، والاستنشاق له ماء مستقل.
فعلى كلتا الحالتين العمل صحيح، سواءٌ أجمع المضمضة والاستنشاق من غَرفة واحدة بكف واحدة، أم أخذ لكل واحدة غَرفة مستقلة، وسواءٌ أأخذ ثلاث غَرفات للمضمضة وثلاث غَرفات للاستنشاق، أم ثلاث غَرفات لكل من المضمضة والاستنشاق يتمضمض ويستنشق من كل غَرفة منهما معاً، وهذا نص في أنه يفصل بينهما.
قال رحمه الله تعالى: [وعن علي رضي الله عنه في صفة الوضوء: (ثم تمضمض صلى الله عليه وسلم واستنثر ثلاثاً، يمضمض ويستنثر من الكف الذي يأخذ منه الماء) .
أخرجه أبو داود والنسائي] .
هذه الصورة الأخرى في رواية علي رضي الله تعالى عنه، وهي أنه يمضمض ويستنشق ويستنثر ثلاثاً من الكف الذي أخذ به الماء) ، يعني: من كف واحدة يتمضمض بجزء من الماء، ثم يستنشق ببقية الماء في تلك الكف، ويستنثر بتلك الكف التي أخذ بها الماء، سواءٌ أكان أخذُه الماءَ باليمنى، أم كان أخذُه الماءَ باليسرى، فيجمع المضمضة والاستنشاق في غَرفة واحدة، ويستنثر الماء من الأنف بتلك الكف التي أخذ بها الماء، ولم يعيِّن لنا أيَّ الكفين، أهي اليمنى أم اليسرى.
والله تعالى أعلم.
قال رحمه الله تعالى: [وعن عبد الله بن زيد في صفة الوضوء: (ثم أدخل صلى الله عليه وسلم يده، فمضمض واستنشق من كف واحد، يفعل ذلك ثلاثاً) .
متفق عليه] .
يؤخذ من قوله: (فمضمض واستنشق من كف واحد) أنه جمع بينهما، ففي حديث طلحة: (يفصل) ، وهنا: (يجمع بين المضمضة والاستنشاق من كف واحد) .
فسواءً جمعتَهما أم فصلتَهما فلا حرج في ذلك.