الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فيقول المؤلف رحمه الله: [وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل) رواه الأربعة إلا الترمذي، وصححه ابن حبان، ورجح النسائي وقفه] .
جاء هذا الحديث عن أبي أيوب مرفوعاً هنا، وعند غيره موقوفاً على أبي أيوب، وأبو أيوب نستبعد أن يجعلها حقاً أو غير حق اجتهاداً من عنده؛ لأن (حق) هنا بمعنى واجب، فيبعد أن يكون أبو أيوب قد أوجب شيئاً من عنده؛ ولذا يقول العلماء: وإن جاء موقوفاً فإن الموقوف في حكم المرفوع، ولا سيما إذا جاءت رواية مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والحق الواجب اللازم الثابت.
وقول أبي أيوب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الوتر حق على كل مسلم) اللفظ هنا للجنس، فيشمل كل مسلم ومسلمة، وقد ذكر البخاري رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى من الليل ما شاء الله، ثم أيقظ عائشة رضي الله تعالى عنها، وقال:(قومي فأوتري) .
إذاً:(على كل مسلم) هذا للجنس، فإذا ذكر الرجال دخلت النسوة تبعاً للرجال، قال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:٤٣] أي: بواو الجماعة للذكور في الأمر بالصلاة والزكاة {كُتِبَ عَلَيْكُمْ}[البقرة:١٧٨] لم يقل: عليكن، فعلم بأن النسوة تبع للرجال في مواطن التشريع.