وهنا مباحث فقهية: إذا كنت تسمع أذاناً واحداً فإنك تقول مثل ما يقول وتخرج من العهدة، وإذا كان هناك أذانان، سواءً في مسجد واحد يأذنان معاً أو متواليين أو في عدة مساجد وتسمع أذان كل مسجد عقب الأخر هل تكتفي بإجابة المؤذن الأول فقط أو تردد مع كل مؤذن الأذان كل ما سمعت ذلك؟ يوجد قاعدة أصولية: إذا تعدد السبب هل يأتي المسبب أم لا؟ هناك حالتان: - حالة يتعين فيها الإتيان بالمسبب في كل مرة.
- وحالة يجزئ فيها مرةً واحده.
فمثلاً: قوله صلى الله عليه وسلم: (آمين، آمين، آمين) حينما صعد المنبر، فقالها ثلاث مرات في ثلاث درجات، وسئل عن ذلك فكان مما قال:(أتاني جبريل عليه السلام فقال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده ولم يصل عليك، قل: آمين) ، فقالوا: إن تكرار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع ذكره متعين، فهذا متعدد السبب، ويتعين إيجاد المسبب عند وجوده، فكلما سمعت ذكره صلوات الله وسلامه عليه تعين عليك أن تصلي وتسلم عليه.
وهناك من الأمور ما يتعدد ويتكرر ويجزئ عنها شيء واحد مرة واحدة، كما في نواقض الوضوء، لو أن إنساناً كان على وضوء ثم أحدث ما ينقض الوضوء ثم أحدث حدثاً آخر ثم أحدث حدثاً آخر، فإنه يجزئ عن ذلك كله وضوء واحد؛ لأن الأحداث لا تجدد الحدث عند الإنسان، الحدث هو واحد وإن تعددت أسبابه، فيكفي لرفعه وضوء واحد، وكذلك الغسل إذا لم يغتسل للحدث الأول ولا للثاني فإنه يجزئ عنه غسل واحد.
فهل الأمر يقتضي تكرار المأمور به أم لا؟ فهنا قال:(إذا سمعتم فقولوا) ، قد سمعنا الأول وقلنا مثله، فهل نقول مثل المؤذن الثاني بالأمر الأول؟ أكثر العلماء أنه كلما سمعت مؤذناً يؤذن فعليك أن تقول كما يقول، وهناك من يقول: تكفي المرة الأولى، ولكن الأول أصح.