(من زرع في أرض قوم) ، والقوم للجماعة، فمن زرع في أرض غيره، وهو لا يملكها أو هي مملوكة للآخرين، فما حكم هذا الزرع الذي زرعه في ملك غيره؟ هذه هي القضية الأولى، وقد حكم فيها صلى الله عليه وسلم بقوله:(من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء) فلو استأذنهم: أعيروني الأرض أزرع فيها.
لا مانع، وإذا استأجر منفعة الأرض عين الأرض، كما يقول الفقهاء: عقد الإجارة عين على منفعة مضمونة، تستأجر الدار وتشتري الدار، فإذا اشتريتها ملكت عينها، ولك الانتفاع بها بما شئت من امتثالك بما تملك، لكن استأجرتها، فأنت اشتريت المنفعة التي يمكن أن تؤخذ من الدار.
وما المنفعة؟ كل بحسبه، إن كان هناك نص على عين المنفعة التي تستوفى فهي المعقود عليها، استأجرتها مدرسة، أو مستودعات، أو للسكنى، فعلى ما عقدت عليه، ولا يحق لك أن تستفيد من الدار بمنفعة أكثر مما استأجرتها من أجله استأجرتها لتسكن أنت فيها وعيالك، فلا يحق لك أن تجعلها مستودعات؛ لأن المستودعات تضر بالبنيان أكثر من السكنى؛ لأن فيها البضائع والمطعومات، وربما جاءت الفئران، ويكون الأخذ والرص الذي يهز الجدران، فلا يجوز ذلك.
وكذلك لا يجوز لك أن تجعلها مدرسة؛ لأن المدرسة تضم الأطفال، أو غير العابئين بالمسئوليات والقيم، فتكون مضرتها على البنيان أكثر من السكنى، أما إذا استأجرتها لمدرسة، ثم هونت من المدرسة وسكنت، فالسكنى أقل إرهاقاً على البنيان من المدرسة؛ فلا مانع، كما لو استأجرت سيارة لنقل الأحجار، ثم ما وجدت أحجاراً فنقلت أخشاباً أو برسيماً، وإذا ما وجدت برسيماً ركبت أنت، فكلما كان استيفاء المنفعة مقابل المعقود عليه كان أوفى بالعقد، وإن نقصت فلا مانع، أما إن زادت عن المعقود عليها فلا يحق لك ذلك.