وقد حج صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وكان في حجه ذلك مغايراً لما كان عليه أهل الجاهلية، وذلك أن أهل مكة كانوا يقولون: نحن الحمس، والحمس هم: خدَّام البيت، أو جيران البيت، أو سدنة البيت، فكانوا يقولون: نحن لا نخرج عن الحرم، وكانوا في يوم عرفة يقفون في المزدلفة ويقولون: لا نخرج عن حدود الحرم، ويقفون عند المشعر الحرام، وكان بقية العرب يذهبون إلى عرفات، فلما حج صلى الله عليه وسلم قبل البعثة اجتاز المزدلفة ومضى ووقف مع الناس في عرفات، حتى قالوا: ما بال هذا الرجل وهو من الحمس؟ أي: كيف نقف مع عامة الناس؟ فلم يقف صلى الله عليه وسلم مع قريش، وإنما ذهب ووقف مع عامة الناس واستمرت قريش على هذا إلى أن جاء الإسلام ونزل قوله سبحانه:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}[البقرة:١٩٩] ، فتركت قريش موقفها بالمزدلفة وصارت تقف في عرفات حيث يقف الناس، ويفيضون من حيث يفيض الناس.