الإقرار يقول فيه أرباب القوانين: هو سيد الأدلة، مع أنه يدخله الاحتمال؛ لأن الخبر في اللغة: ما احتمل الصدق والكذب لذاته، وكلمة (لذاته) ، تخرج غيره كإخبار الله وإخبار رسوله، فهي لا تحتمل إلا الصدق، أما قول شخص: أكلت، فهذا إخبار، قد يصح أنه أكل ولعله لم يأكل.
فالإقرار أصل في القضاء في الإثبات، وهو سيد الأدلة؛ لأن غالب الأحوال أن الشخص لا يعترف على نفسه بما فيه مضرة، فلا يقول: سرقت، وهو لم يسرق، ويعلم أنها تقطع يده، أو يقول لك: عندي ألف وما عنده شيء، فيغرم الألف!! فالغالب أن الشخص لا يقر على نفسه إلا بالحق، ولكن قد يكون الإقرار لغرض، وليس الإقرار صحيحاً، وهذا من أصعب ما يكون أمام القضاة؛ لأن القاضي إذا سمع الدعوى، وسأل المدعى عليه فأقر بصدق ما ادعى به المدعي؛ انتهينا، هذه دعوى، وهذا إقرار المدعى عليه، فلم يبق إلا الحكم، ولكن قد تكون هناك دوافع تدفع الشخص إلى أن يقر بغير الواقع، إما لدفع شيء أعظم مما ادعي به عليه، وإما لمصلحة لنفسه.